نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[84] القاضي أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس

صفحة 224 - الجزء 2

  فحمل عليه رجلا فعطب الفرس، فقال عمر: اجعل بيني وبينك شريحا العراقي، فقال شريح: أخذته صحيحا سليما على سوم، فعليك أن تردّه كما أخذته، فأعجبه ما قاله، وبعثه قاضيا⁣(⁣١).

  وذكر أبو الفرح: أن عليا أمير المؤمنين # عرف درعا له عند يهودي أيام خلافته بالكوفة فقال له: يا يهودي هذا درعي سقطت مني يوم كذا وكذا، فقال اليهودي: ما أدري ما تقول، درعي في يدي، بيني وبينك قاضي المسلمين، فانطلقا إلى شريح، فلما رآه شريح قام له عن مجلسه، فجلس مع شريح في مجلسه، وقال: إن خصمي لو كان مسلما لجلست معه بين يديك، ولكنّي سمعت رسول اللّه ÷ يقول: لا تساووهم في المجلس، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشيّعوا جنائزهم، واضطّروهم إلى أضيق الطرق، فإن سبّوكم فاضربوهم، وإن ضربوكم فاقتلوهم، ثم قال: درعي عرفتها عند هذا اليهودي، فقال شريح لليهودي: ما تقول؟ قال: درعي في يدي، قال شريح: صدقت واللّه يا أمير المؤمنين إنّها درعك كما تقول، ولكن لا بدّ لك من شاهدين، فدعى قنبر والحسين فشهدا له، فقال شريح: أما شهادة مولاك فقد قبلتها، وأما شهادة ابنك لك، فقال أمير المؤمنين: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول اللّه ÷ يقول: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، قال: نعم، قال: أفلا تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة! لتخرجن إلى شاهيا لموضع في السواد فلتقضيّن بين أهله أربعين يوما، ثم سلّم الدرع إلى اليهودي، فقال اليهودي: أمير المؤمنين مشى معي إلى قاضيه فقضى عليه، فرضي به، صدقت واللّه وأنها لدرعك سقطت منك يوم كذا على جمل لك أورق، وأنا أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، قال علي #: فالدرع لك وهذا الفرس، وفرض له سبعمائة، فلم يزل معه حتى قتل بصفين⁣(⁣٢).

  قلت: اشتملت الحكاية على حديثين نفيسين عن رواية الإمام الأكبر أبي الحسن # وآداب بها، فليقتدي من كان ذا سلطان حق، وإنما جعل أدب القاضي القضاء في السواد لأنّهم بادية الفرس ولهم غلظة الفلاحين، فكان من


(١) الأغاني ١٧/ ٢١٨.

(٢) الأغاني ١٧/ ٢١٩ - ٢٢٠.