[84] القاضي أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس
  المناسب لغفلة شريح عن حديث عصمة الحسنين أن يحبس مع الأضداد، فأضيق السجون معاشرة الأضداد.
  وأخبر عامر الشعبي قال: قال لي شريح القاضي: عليكم بنساء بني تميم فإنهن النساء. قلت: وكيف ذاك؟ قال: انصرفت من حسبان ذات يوم مطير، فإذا امرأة جالسة في سقيفة لها على وسادة وأمامها جارية رود ذات ذؤابة على ظهرها فاستسقيت، فقالت: أي الشراب أحبّ إليك، النبيذ أم اللّبن أم الماء؟ قلت: أي ذلك تيسّر، قالت: اسقوا الرجل لبنا، فإني أخاله غريبا، فلما شربت نظرت إلى الجارية فأعجبتني، فقلت: من هذه؟ قالت: ابنتي، قلت: ومن هي؟ قالت: بنت جرير، إحدى نساء بني تميم، قلت: أفارغة أم مشغولة؟ قالت: بل فارغة، قلت:
  أتزوّجينيها؟، قالت: نعم، إن كنت كفوا، ولها عمّ فاقصده، فانصرفت فخطبتها إلى عمّها فزوّجنيها فمكثت أياما ثم أقبل بها نساؤها، فلما جلست في البيت أخذت بناصيتها فبركت وأخلى في البيت فقلت: يا هذه إن من السنّة إذا دخلت المرأة على الرجل أن يصلّي ركعتين وتصلّي ركعتين يسألان اللّه خير ليلتهما ويتعوّذان به من شرّها، ثم التفتّ فإذا هي خلفي فصلّيت ثم التفت فإذا هي على فراشها فمددت يدي، فقالت: على رسلك، فقلت: إحدى الدواهي منيت بها، ثم قالت: إن الحمد للّه وحده استعينه، إني امرأة غريبة، ولا واللّه ما سرت مسيرا قط هو أشدّ عليّ منه وأنت رجل غريب لا أعرف أخلاقك، فحدثني بما تحب فآتيه، وبما تكره فأنزجر عنه، فقلت: الحمد للّه وصلى اللّه على محمد، قدمت خير مقدم على أهل دار زوجك، سيّد رجالهم، وأنت سيّدة نسائهم إن شاء اللّه تعالى أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، قالت: فأخبرني عن أختانك(١) أتحب أن يزوروك؟ قلت: إني رجل قاضي وما أحب أن يملوني، فبت بأنعم عيش ليلتي، وكنت بعد ذلك لا أرى يوما إلّا وهو أفضل من الذي قبله، حتى كان عند رأس الحول فدخلت منزلي فإذا عجوز تأمر وتنهى، فقلت: يا زينب من هذه؟
  فقالت: أمي فلانة، فرحبت بها، فقالت: يا أبا أميّة كيف رأيت زوجتك؟ فقلت:
  كخير زوج، فقالت؛ إن المرأة لا ترى في حال أسوء منها خلقا في حالين: إذا خطبت عند زوجها، وإذا ولدت غلاما، فإذا أرابك منها ريب فالتوسط، فإن
(١) أختان: جمع ختن، الصهر من قبل الزوجة.