نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[84] القاضي أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس

صفحة 227 - الجزء 2

  قد ضبطت لك العراق بشمالي ويميني فارغة، فولّني الحجاز، فبلغ ذلك ابن عمر، وكان مقيما بمكة، فقال: اللهم إشغل عنا يمين زياد، فأصابه الطاعون في يمينه، فجمع الأطبّاء واستشارهم، فأشاروا عليه بقطعها، فدعى شريحا فعرض عليه ما أشار به الأطبّاء، فقال له: رزق مقسوم، وأجل محتوم، وإني أكره إن كانت لك مدّة أن تعيش في الدنيا بلا يمين، وإن كان قد دنى أجلك أن تلقى ربك مقطوع اليد، فإذا سألك لم قطعتها؟ قلت بغضا في لقائك، وفرارا من قضائك، فمات زياد إلى غضب اللّه من يومه، فلام الناس شريحا على منعه من القطع لبغضهم زيادا، فقال: إنه استشارني والمستشار مؤتمن، ولولا ذلك لوددت إن اللّه قطع يده يوما ورجله يوما وسائر جسده يوما⁣(⁣١).

  قلت: بل إشارته بإبقائها كان أنفع للإسلام، لأنها لو قطعت ربما كان يسلم من ذلك الداء، وكان شريحا مخضرما أدرك الجاهلية والإسلام وعاش عشرين ومائة سنة، وتوفي سنة سبع وثمانين من الهجرة بالكوفة، |.

  وكان أحد السادة الطلس، والأطلس الذي لا لحية له وهم أربعة: شريح، والأحنف بن قيس، وقيس بن سعد بن عبادة، وعبد اللّه بن الزبير⁣(⁣٢).

  إنما لقب ثور بن مرتع كندة لأنه كند أباه نعمته أي كفرها، وفي القرآن الكريم: {إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}⁣(⁣٣).

  والطاعون: ورم دموي قتّال، شديد الالتهاب، وسببه تغير كيفية الدم إلى الشمية، ويكثر في المواضع والفصول الحارة الرطبة مثل مصر وأيام الربيع، وهو من المعديات، وأقتله ما كان في الأبط والعنق لقربهما من الرئتين والقلب والدماغ، ومتى حصل فالغالب أنه يقتل، وإنّما يداوى سببه قبل حصوله بالمبرّدات ومغلظات الدم، وبإخراجه، وغالبه يقع بالروم والشام ومصر لإفراط الخصب وكثرة المياه والفاكهة.


(١) وفيات الأعيان ٢/ ٤٦٢ - ٤٦٣.

(٢) أنظر: وفيات الأعيان ٢/ ٤٦١.

(٣) سورة العاديات: الآية ٦.