[84] القاضي أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس
  الرجال ما حازت إلى بيوتها شرّا من الورهاء(١) المتدللة، قلت: أشهد إنها ابنتك وقد كفيتها الرياضة.
  قال: وكانت تأتيني في كل حول مرّة، فتذكر هذا ثم تنصرف، فما غضبت عليها قط إلّا مرّة وكنت لها ظالما، لما كنت أمام قوم فسمعت الإقامة، وركعت ركعتي الفجر، فأبصرت عقربا فأعجلت عن قتلها فأكفأت عليها إناء فلما كنت عند الباب قلت: يا زينب لا تحرّكي الإناء حتى أجيء، فعجلت فحرّكت الإناء فلسعتها العقرب، وجئت فإذا هي تلوى فلا رأيتني يا شعبي وأنا أفرك لسبّتها بالماء والملح وأقرأ عليها المعوذتين وفاتحة الكتاب، وان لي جار، وكان لا يزال يضرب امرأته فقلت:
  رأيت رجالا يضربون نساءهم ... فشلّت يميني يوم أضرب زينبا
  أأضربها في غير جرم أتت به ... إليّ، فما عذري إذا كنت مذنبا!
  فتاة تزين الحلي إن هي زيّنت ... كأن بفيها المسك خالط محلبا(٢)
  فزينب شمس والنساء كواكب ... إذا طلعت لم تر منهنّ كوكبا(٣)
  أخذ القاضي، الرابع من قول النابغة: «فإنك شمس والملوك كواكب» وقد مرّ. إلّا أن شمس القاضي أبهى من شمس النابغة بحكمه.
  وللقاضي أبي أميّة المذكور في زينب(٤) وهو من أصوات الأغاني المختارة [من المتقارب]:
  إذا زينب زارها أهلها ... حشدت وأكرمت زوّارها
  وإن هي زارت بهم زرتهم ... ولم أتّخذ لي هوى دارها
  فسلمي إن سالمت زينب ... وحزني إن أشعلت نارها
  وما زلت أرعى لها عهدها ... ولم أتّبع ساعة عارها(٥)
  وذكر ابن خلكان وأبو هلال العسكري: إن زياد بن أبيه كتب إلى معاوية:
(١) الورهاء: الحمقاء.
(٢) المحلب: العسل.
(٣) الأغاني ١٧/ ٢٢٤، وفيات الأعيان ٢/ ٤٦٢.
(٤) زينب بنت حدير التميمية وهي زوجته، وأخبارها في الأغاني ١٧/ ٢٢١ - ٢٢٥.
(٥) الأغاني ١٧/ ٢١٥.