[86] أبو بحر، الضحاك بن قيس بن معاوية بن حصن
  يتبعه مائة ألف من بني تميم - كما قيل - لأن تميما أكثر القبائل رجالا، ومما فتح على يديه بلخ وهراة وطخارستان أيام الفتوح.
  وقال ابن حمدون في التذكرة: وكان الأحنف سيّدا حليما يضرب به المثل، وقد عدّت له سقطات، فمن ذلك: إنه نظر إلى خيل لبني مازن فقال: هذه خيل ما أدركت الثار، ولا نقضت الأوتار، فقال له سعيد بن العلقم المازني: أمّا يوم قتلت أباك فقد أدركت بثأرها، فقال الأحنف: لشيء ما قيل دع الكلام حذر الجواب، وكانت مازن قتلت أبا الأحنف في الجاهلية.
  قال: ولما خرج الأحنف مع مصعب بن الزبير أرسل إليه بمائة ألف درهم ولم يرسل إلى زبراء جاريته بشيء، فجاءت حتى تقدّمت بين يدي الأحنف، ثم أرسلت عينها، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: مالي لا أبكي عليك إذ لم تبك على نفسك، أبعد نهاوند ومرو الروذ تجمع بين غارين من المسلمين، فقال: نصحتني واللّه في ديني إذ لم أتنبه في ذلك، ثم أمر بفسطاطه فقوّضت، فبلغ ذلك مصعبا فقال: ويلكم من دهاني في الأحنف، فقيل زبرا، فبعث إليها ثلاثين ألف درهم فجاءت حتى أرخت عينها بين يديه، فقال: مالك يا زبرا؟ قالت: جئت بإخوانك من البصرة تزفّهم كما تزفّ العروس حتى إذا صيّرتهم في نحر أعدائهم أردت أن تفتّ في أعضادهم، قال: صدقت واللّه، يا غلام دع الفساطيط، فاضطرب العسكر بمجيء زبرا مرّتين وذهبت مثلا.
  وقال أيضا: قيل لم ير الأحنف ضجرا إلّا مرة واحدة، أعطى خياطا قميصا يخيطه له فحبسه حولين، فأخذ الأحنف بيد ابنه بحر فأتى به إلى الخيّاط، وقال:
  إذا متّ فادفع القميص إلى هذا.
  وكان خطيبا يعدّ من خطباء مضر، شاعرا أيضا.
  وقال أبو هلال العسكري في الأوائل: لما قدمت أم المؤمنين البصرة بعد قتل عثمان ومعها طلحة والزبير ومروان، وخطبت خطبتها المشهورة تخط على طاعتها ونكث بيعة علي #، فانطلق رجل سمع مقالتها إلى الأحنف وهو معتزل في بني سعد، فقال الأحنف:
  لشتان ما بين المقامين تارة ... تضاري وطورا عذرة تستقيلها
  فلو كانت الأكنان دونك لم تجد ... عليك مقالا ذو أناة يقولها