[87] الملك الصالح أبو الغارات طلايع بن رزيك
  وفتية من كماة الترك ما تركت ... للرعد صولاتهم صوتا ولا صيتا
  قوم إذا قوبلوا كانوا ملائكة ... حسنا وإن قوتلوا كانوا عفاريتا
  مدّت إلى النهب أيديهم وأعينهم ... وزادهم صغرا الأحداق تثبيتا
  * * *
  وذكر ابن خلكان صفة قتل الصالح بأبسط مما ذكر المقريزي فإنه قال: لمّا مات الفايز باللّه وتولّى العاضد استوزره وبسط يده واستولى على الحلّ والعقد، وكان العاضد في حكم الأسير معه فأعمل الحيلة في قتله، واتفق مع قوم من أجناد الدولة يعرفون بأولاد الراعي وتقرّر ذلك بينهم وعيّن لهم موضعا في القصر يجلسون فيه مجتمعين فإذا مرّ بهم الصالح ليلا أو نهارا قتلوه، فقعدوا له ليلة وخرج من القصر فقاموا فخرجوا إليه وأراد أحدهم أن يفتح الباب فأغلقه وما علم فلم يحصل مقصودهم تلك الليلة لأمر أراده اللّه في تأخير الأجل، ثم جلسوا له يوما آخر فدخل القصر نهارا فوثبوا عليه فجرحوه جراحات عديدة بعضها في رأسه فوقع الصوت فعاد أصحابه، فقتلوا الذين جرحوه، وحمل إلى داره مجروحا ودمه يسيل فأقام بعض يوم، ومات يوم الاثنين في التاريخ المذكور، وخرجت الخلع لولده العادل أبي شجاع فتولى الوزارة(١).
  وقال الفقيه: أبو محمد عمارة اليمني(٢) يرثيه من قصيدة أجاد فيها وأوّلها [من الطويل]:
  أفي أهل ذا النّادي عليم أسائله ... فإني لما بي ذاهب اللّبّ ذاهله
  سمعت حديثا تخرس الصّمّ عنده ... ويذهل واعيه ويخرس قائله
  وقد رابني من شاهد الحال أنّني ... أرى الدّست منصوبا وما فيه كافله
  فهل غاب عنه واستناب سليله ... أم اختار هجرا لا يرجّى تواصله
  فإني أرى فوق الوجوه كآبة ... تدلّ على أنّ الوجوه ثواكله
  دعوني فما هذا أوان بكائه ... سيأتيكم طلّ البكاء ووابله
  ولا تنكروا حزني عليه فإنّني ... تقشّع عنّي وابل كنت آمله
  فيا ليت شعري بعد حسن فعاله ... وقد غاب عنّا ما بنا اللّه فاعله
(١) وفيات الأعيان ٢/ ٥٢٨.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ١٢٦.