نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[2] أبو الحسن، إبراهيم بن أحمد اليافعي

صفحة 87 - الجزء 1

  وأصله من يافع، وولد ونشأ بصنعاء، فكان على منهج أهلها الزيدية في المذهب، لا في الشعر، فإنه أصبح لموطاه مالكا، وكان له دكان يحظى به العمائم والأردية أحيانا، ويجتمع إليه بها من له شغف بشعره، وفي مذهبي الكلامي أنه لا يجوز أن يقدم عليه شاعر في وقته جزالة ورقّة ومتانة وحسن سبك، (للناس فيما يعشقون مذاهب)، وكان إنشاده مطربا، ولا غرو فهو إبراهيم، ولا يملّ جليسه حديثه، فهو عقله المستوقن، كما أن شعره نزهة المطمئن، وكان فيه تصوّف وميل إلى فيض الصوفية، ويحفظ ديوان الشيخ سراج الدين عمر بن الفارض⁣(⁣١).

  واليافعي صوفي لا سيما روض رياحين الأدب مع لطف طبع، وقناعة على الفاقة التي أصابته لما كسد شعره بكساد شعار الدولة، ولم يبق للفضل رسم، ولا للشعر اسم، ولو أردت الكلية لقلت ولا لكل العلوم سهم، وكانت عينه بالماضين قريرة، فبلي بالأصمّين الكبر وبخلهم، كما بلي بقتل الشيخ وفقد الجراب أبو هريرة⁣(⁣٢)، ولزم بيته وهجره بصنعاء، وأصبح لا يجد مع اللئام بعد الكرام صنعاء، وقد جاوز الثمانين وبلغها، ونثل كفانة فكره واستفرغها، وإذا اضطر إلى مدح أحد من الخلق غير بعض مخالص عتيقه ومدحه على حرف وما بقي له إلا الجوهر المنضود، وأين أين المشتري، وأصبح وهو متنبيء الشعر شقيا بكل تنبال اليد بحتري⁣(⁣٣)، وودّ لو كان كسالف وقته المذهب خطا أو أنه أدرك كما أمّل من المتأخرين بالمعينين خطا، ودام كذلك بصنعاء حتى أدركه الأجل بها يوم السبت


(١) هو أبو حفص عمر بن علي بن المرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والنشأة، المعروف بابن الفارض. ولد بالقاهرة سنة ٥٧٦ هـ. كان شاعرا صوفيا زاهدا، يأوي إلى المساجد المهجورة، وقورا إذا مشى ازدحم عليه الناس لالتماس البركة، وإذا حضر مجلسا استولى على أهله السكون. جاور مكة المكرمة خمسة عشر عاما للعبادة، ثم رجع إلى مصر.

له ديوان شعر كله رائق لطيف. توفي بالقاهرة سنة ٦٣٢ هـ ودفن في سفح جبل المقطم.

ترجمته في: وفيات الأعيان ٣/ ٤٥٤ - ٤٥٦، والكنى والألقاب ١/ ٣٦٩، والسمو الروحي في الأدب الصوفي / ٣٦١، والنجوم الزاهرة ٦/ ٢٨٨ - ٢٩٠، أنوار الربيع ١ / هـ ٤٦.

(٢) في هامش الأصل: «كان لأبي هريرة جراب فيه تمر، زعم أنه أعطاه إياه رسول ÷، وأمره أن يأكل منه ولا ..... فما زال يأكل منه حتى قتل عثمان فأنشد:

للناس هم ... اليوم عثمان ... نفد الجراب وقتل الشيخ عثمان

ذكره الثعالبي.

(٣) في هامش الأصل: «البحتري: القصير».