[89] أبو الأسود، ظالم بن عمرو بن سفيان بن
  قال أيضا: وكان حاضر الجواب وكان يبخل.
  قيل: إنه خرج إلى الصيد ومعه أصحابه، فجاء أعرابي فقال: السلام عليك، فقال: أبو الأسود كلمة مقولة.
  قال: أدخل؟ قال: وراك أوسع لك، قال: فإن الرمضاء قد أحرقت رجلي، قال: بل عليهما أو إت الجبل يفي عليك، قال: هل عندك شيء تطعمنيه؟ قال:
  نأكل ونطعم العيال، فإن فاض شيء فأنت أحقّ به من الكلب، فقال الاعرابي:
  ما رأيت قط الأم منك، قال له: قد رأيت، ولكنك أنسيت، قال: فأنا ابن الحمامة(١)، قال انصرف وكن ابن أي طائر شئت(٢).
  قلت: قد نسبها في الأغاني(٣) إلى الحطيئة الشاعر(٤) وهو الأنسب.
  قال: وكان له على باب داره دكّة عالية ضيقة فيأمر بغدائه فيوضع عليها ثم يقعد يأكل، فإذا مرّ به أحد دعاه إلى الأكل فلا يجد موضعا لجلوسه فينصرف، فمرّ به فتى على ناقة فدعاه إلى الأكل، فتأمّل الفتى المكان(٥) فإذا هو ضيق فأخذ الصحفة فأنزلها إلى الأرض وأقبل يأكل وأبو الأسود: يتغيّظ حتى أستوفا الطعام.
  ثم ردها فقال أبو الأسود ما اسمك يا فتى؟ قال: لقمان الحكيم، قال: أصاب أهلك اسمك(٦).
(١) هوذة بن الحارث بن عجرة السلمي، ابن الحمامة: شاعر قوي العارضة. من الصحابة، أو ممن كانوا في عصر النبوة. والحمامة أمه، اشتهر بنسبته إليها. كان من سكان البصرة. ووفد على عمر (في خلافته) ليأخذ عطاءه، فدعي قبله أناس من قومه، فأغضبه تقديمهم عليه؟ فقال:
«لقد دار هذا الأمر في غير أهله! ... فأبصر، أمين اللّه، كيف تريد»
«أيدعى خثيم والشريد أمامنا؟ ... ويدعى رباح قبلنا، وطرود؟»
«فإن كان هذا في الكتاب، فهم إذا ... ملوك، بنو حر، ونحن عبيد!»
فدعا به عمر، وأعطاه، توفي نحو سنة ٢٠ هـ.
ترجمته في: الإصابة: ت ٩٠٥٩ والمرزباني ٤٨٢، الاعلام ط ٤/ ٨ / ١٠٢.
(٢) الأغاني ١٢/ ٣٥٤.
(٣) الأغاني ٢/ ١٦٣.
(٤) مرّت ترجمته بهامش سابق.
(٥) في هامش الأصل: «الموضع».
(٦) الأغاني ١٢/ ٣٧٣.