[89] أبو الأسود، ظالم بن عمرو بن سفيان بن
  أحبّها أكرمها وإن أبغضها طلقها.
  ورأيت في الأغاني: أن زيادا ولّى حارثة بن بدر الغداني(١) سيد تميم ولاية بالسواد اسمها سرّق، فلقيه أبو الأسود فقال له:
  أحار ابن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا فيها تخون وتسرق
  ولا تحقرن يا حار شيئا تصيبه ... فحظّك من مال العراقين سرّق
  فإن جميع الناس إمّا مكذّب ... يقول بما يهوى وإمّا مصدّق
  فجزاه حارثة خيرا(٢).
  وإلى هذه الواقعة يشير المولى الأخ ضياء الدين زيد بن يحيى(٣) | وقد كتب إليّ مراجعا عن قصيدة:
  زفّت إليّ خريدة من نظمه ... نسج البرود بمعطفيها المهرق
  عذراء لم تطمث ولم تسرق ولا ... حظّ ابن يحيى كابن بدر سرّق
  وذكر أبو الفرج في الأغاني أيضا: أن بني الدئل اجتمعوا إلى أبي الأسود في دية لزمتهم يسألونه المعونة وألح عليه غلام منهم ذو بيان وعارضة، فقال: يا أبا الأسود أنت شيخ العشيرة وسيّدها وما يمنعك من معاونتهم قلّة ذات يد ولا جود؟ فلمّا ألحّ عليه أقبل عليه أبو الأسود وقال: قد أكثرت يا بن أخي فاسمع، إن الرجل واللّه لا يعطي ماله إلّا لإحدى ثلاث خصال: أمّا رجاء مكافأة، أو خوفا على نفسه، أو إرادة وجه اللّه، إلا رجل أحمق خدع عن ماله، وواللّه ما أنتم بإحدى هذه الطبقات ولا عمّك بالعاجز ولا بالمنخدع ولما أفدتك إياه في عقلك خير من مالي لو وصل بني الدئل، قوموا إذا شئتم، فانصرفوا عنه(٤).
(١) حارثة بن بدر بن حصين التميمي الغداني: تابعي، من أهل البصرة. وقيل أدرك النبي ÷. له أخبار في الفتوح، وقصة مع عمر، ومع عليّ، وأخبار مع زياد وغيره، في دولة معاوية وولده. وأمّر على قتال الخوارج في العراق فهزموه بنهر تيرا (من نواحي الأهواز) فلما أرهقوه دخل سفينة بمن معه فغرقت بهم سنة ٦٤ هـ.
ترجمته في: الإصابة ١: ٣٧١ وابن عساكر ٣: ٤٣٠، الاعلام ط ٤/ ٢ / ١٥٨.
(٢) زهر الآداب ٤/ ٦٤، فتوح البلدان ٣٧٢، الظرائف واللطائف ٦٣، ديوانه ١١٨ - ١١٩.
(٣) ترجمه المؤلف برقم ٧٤.
(٤) الأغاني ١٢/ ٣٥٢.