[91] أبو الحسن عبد الله بن معاوية بن عبد
  سلا ربّة الخدر ما شأنها ... وعن أيّما شاننا تعجب؟
  فلست بأوّل من فاته ... على إربه بعض ما يطلب(١)
  فأصبح صدع الذي بيننا ... كصدع الزجاجة لا يرأب
  وكالدّرّ ليست له رجعة ... إلى الضّرع من بعد ما يحلب(٢)
  فقال: صاحب الستارة: أحسنت فأعد فأعدته فأمر لي ببدرة، وكان الرشيد نظر إلى ابن جامع كاسف البال فأمر له ببدرة، وكان في ابن جامع حسد لا يستره، فلمّا انصرفنا قال: اللّهم أرحنا من ابن معاوية هذا، فما أشدّ بغضي له لقد بغّض إليّ جدّه فقلت: ويحك أتدري ما تقول؟ قال: فمن يدري ما يقول إذا لوددت أنّي لم أر إقباله عليك وعلى غنائك من شعر هذا البغيض ابن البغيضة، وأني تصدقت بها يعني البدرة(٣).
  * * *
  واسم ابن جامع(٤) إسماعيل وهو من بني سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وكان أحد مشائخ المغنّين، وكان عالما بالأخبار والشعر والفقه والمنادمة، ولأمه قصّة مع زوجها ذي مناجب الحميري(٥)، وكان ذو مناجب أقبح الناس، فلما كان معن بن زائدة واليا بصنعاء واليمن من قبل أبي جعفر المنصور أتته أمّ ابن جامع تتظلّم من زوجها ذي مناجب، وكانت قرشيّة فدعى به معن فرآه رجلا قصيرا ذميما، سائل المخاط، أشيب العنفة، جاحظ العينين، فأنشد معن:
  لعمري لقد أصبحت غير محبّب ... إليها ولا في عينها ذا مناجب
  فما لمتها لما تبيّنت وجهه ... وعينا له حوصاء من تحت حاجب(٦)
(١) الإرب: العقل والدهاء.
(٢) الدرّ: اللبن. الأغاني دار الكتب ١٢/ ٢٣٧، سرح العيون ٣٥١، الصبابة / القطعة ٥.
(٣) الأغاني ١٢/ ٢٧٥ - ٢٧٧.
(٤) مرّت ترجمته بهامش سابق.
(٥) في هامش نسخة العزاوي: «إلى قصة ذي مناجب أشار المؤلف في ترجمة الشريفة زينب بنت محمد [برقم ٧٩] حيث فارقها طالب بن المهدي، وذمّه بذلك الذم القبيح، وليته لم يفعل، عفى اللّه عنهما جميعا».
(٦) الحوص: ضيق في مؤخر العين حتى كأنّها خيطت، وقيل: هو ضيق مشقّها، وقيل: هو ضيق إحدى العينين دون الأخرى، والعين الضيّقة حوصاء (لسان العرب / مادة حوص).