[91] أبو الحسن عبد الله بن معاوية بن عبد
  هذه حكم يعجز عنها الإيادي، ولقد طوّق ناظمها من حفظها بالأيادي.
  ومن شعره الساير مسير المثل:
  وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
  وأنت أخي ما لم تكن لي حاجة ... فإن عرضت أيقنت أن لا أخا ليا
  وروى أبو الفرج الأصبهاني: عن إبراهيم أبي إسحاق النديم الموصلي قال:
  بينا نحن عند الرشيد وابن جامع حاضر إذ قال صاحب الستارة لابن جامع: تغنّ في شعر عبد اللّه بن معاوية، ولم يكن يغنّي في شيء منه فارتج عليه، وفطنّا لما أراد من شعر عبد اللّه فاندفعت فغنّيت [من الكامل]:
  يا قوم كيف سواغ عيش ... ليس تؤمن فاجعاته
  ليست تزال مظّلّة ... تغدو عليك منغّصاته
  الموت هول داخل ... يوما على كره أناته
  لا بدّ للحذر النّفور ... من أن تقنّصه رماته(١)
  فأومى إليّ صاحب الستارة إن أمسك، ووضع يده على عينه يشير إلى أنه يبكي، وأمر لي ببدرة، فلمّا خرجنا قال لي ابن جامع: ما صبّ اللّه أمير المؤمنين على شعر ابن معاوية؟ فقلت: صبّه عليه البدرة الدنانير التي أخذتها، قال: ثم حضرنا فلما اطمأن بنا المجلس قال ابن جامع كلام خفّي: اللّهم أنسه ذكر ابن معاوية، فقلت: اللّهم لا تجب، فقال صاحب الستارة: يا بن جامع تغنّ في شعر عبد اللّه بن معاوية فقال ابن جامع: لو كان في عبد اللّه خيرا لطار مع أبيه(٢) ولم يقبل على قول الشعر، فسمعنا الضحك من خلف الستارة فاندفعت أغنّي من شعره [من المتقارب]:
(١) الأغاني ١٢/ ٢٧٣، سرح العيون ٣٥٠، الصبابة / القطعة ٧.
(٢) يريد جدّه جعفر بن أبي طالب، وكان يلقب بالطيار وبذي الجناحين (ت ٨ هـ) وهو صحابي هاشمي، وهو أخو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، حضر وقعة مؤتة بالبلقاء (من أرض الشام) فنزل عن فرسه وقاتل ثم حمل الراية وتقدم صفوف المسلمين فقطعت يمناه، فحمل الراية باليسرى فقطعت أيضا، فاحتضن الراية إلى صدره وصبر حتى وقع شهيدا، وفي الحديث: إن اللّه عوّضه عن يديه جناحين في الجنة.
ترجمته في: الإصابة ١/ ٢٣٧، صفة الصفوة ١/ ٢٠٥، مقاتل الطالبيين ٣، حلية الأولياء ١/ ١١٤، طبقات ابن سعد ٤/ ٢٢، الاعلام ط. ٤/ ٢ / ١٢٥.