[94] أبو محمد عبد الله بن محمد الكاتب
  يهنّي الصاحب بولد حصل له من ابنته ووالده علويّ [من البسيط]:
  بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا ... وكوكب المجد في أفق العلا صعدا(١)
  قلت: ما بعد بشرى والإقبال زيادة على الأشعار بتهنئة بالولادة للأذهان القابلة.
  قال أهل البديع: الشاعر يلحن بما بنى قصيدته له في أوّل النسيب أو الحماسة بحيث يلوح قصده للذكي ولا يصرّح، ولا زيادة على قول أبي تمام يمدح الإمام المعتصم باللّه بفتح عمورية ويذكر عزمه مخالفا للمنجمين:
  «السيف أصدق إنباء من الكتب»(٢)
  وقد ذكرت شيئا منها فيما مضى، ويعجبني قول الشيخ إبراهيم الهندي يرثي:
  بني الدهر ما هذا الذي فعل الدهر ... أمات أمير المؤمنين أم الحشر
  وربما يزل الأديب الكامل في هذا الحرف كأبي محمّد إسحاق الموصلي فإن المعتصم باللّه عمّر قصرا ثم انتقل إليه فكان أوّل من أنشده إسحاق يهنّيه لقربه منه فإنه طيب روحه فقال:
  يا دار غيّرك البلا ومحاك ... يا ليت شعري ما الذي أبلاك
  فتغيّر وجه المعتصم وقام من فوره وأمر بخراب القصير، ما كان أحقّ إسحاق مع أدبه بقول أشجع السّلمي يهنّي الرشيد بعمارة:
  قصر عليه تحيّة وسلام ... خلعت عليه جمالها الأيام(٣)
  والشيء بالشيء يذكر، وممّن استفتح الهجاء بالنسيب المشعر به القاضي الأديب شرف الدين الحسن بن علي بن جابر الهبل(٤) | ولست أعني أنّه أوّل من صدّره فإنّ البحتري هجا أبا الجيش أحمد بن طولون بقصيدة أوّلها:
  بعينيك إعوالي وطول شهيقي
(١) كاملة في يتيمة الدهر ٣/ ٢٣٦.
(٢) البيت لأبي تمام، والقصيدة كاملة في ديوانه ١٤ - ١٨.
(٣) الخبر والمقطوعة كاملة في الأغاني ١٨/ ٢٢١ - ٢٢٢.
(٤) ترجمه المؤلف برقم ٤٦.