[106] أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن أحمد
  قلت: صدق أبو تمام ما زال العكوك يأتي بمعجزات الشعر والبيض الأولى السيوف والثانية النساء واللّف والنثر المرتب.
  وقال البحتري: أنشدني أبو تمام يوما:
  وسابح هطل التعدات هتّان ... على الجرا أمين غير خوان
  أظمى الفصوص ولم تظمى قوائمه ... فخل عينيك من ظمآن ريّان
  فلو نظرت إليه والحصى ريم ... تحت السنابك من مشي ووحدان
  أيقنت أن لم تبين أن حافره ... من صخر تدمر أو من وجه عثمان(١)
  ثم قال لي: هذا هو الاستطراد، أو قال المستطرد، ثم إن البحتري تبعه فقال من قصيدة في صفة الفرس أوّلها:
  أهلا بذلكم الخيال المقبل ... فعل الّذي يهواه، أو لم يفعل
  برق سرى من بطن وجرة، فاهتدى ... بسناه أعناق الركّاب الذلّل
  من غادة منعت، ويمنع وصلها ... فلو انها بذلت لنا لم تبذل
  كالبدر، غير مخيّل، والغصن غي ... ر مميّل، والدّعص غير مهيّل
  وأغرّ في الزّمن البهيم محجّل ... قد رحت منه على أغرّ محجّل
  خافي الضّلوع، يشدّ عقد حزامه ... يوم اللّقاء، على معمّ مجوّل
  أخواله للرّستمين بفارس ... وجدوده للتبعين بموكل(٢)
  متوجّس برقيقتين، كأنّما ... يريان من ورق عليه موصّل
  ما إن يعاف قذى، ولو أوردته ... يوما خلائق حمدويه الأحول
  ذنب كما سحب الرداء يذب عن ... عرف وعرف كالقناع المسبل(٣)
  زاد في استطراد حمدويه ذكر الأحول وهو تتميم، وأما الوصف للفرس فله فعل الكميت، وكانت بين أبي الفرج وبين السيرافي النحوي المشهور منافسة فقال فيه أبو الفرج:
  لست صدرا ولا قرأت على صدر ... ولا علمك القليل بشافي
(١) لم أعثر عليها في ديوان أبي تمام.
(٢) في هامش ب: «موكل: اسم محل باليمن».
(٣) كاملة في ديوان البحتري - ط صادر ٢/ ٣٦٦ - ٣٦٩.