[107] القاضي جمال علي بن محمد بن أحمد العنسي
  الزهر إلّا واغرورقت عينه وأحمرّ خدّه من الحيا، قد حكّم في الأدب تحكم الزمان على بنيه، وأعطى من ذخائره ما لم ينله شاه أرمن ولا شاعرة ابن النبيه، وله بعلم الشرع ما يترك الجاهل في جمر الغضا، فهو عليّ القدر والنفس وفي الحكم الرّضى، وقد حكم بالعدين في العنفوان، فلم تضع الأعادي قدر شأنه، ولا قالوا قدر شاه فلان.
  ومن شعره نقلته من خطّه:
  يا كحيل الجفون صبّك أضحى ... عن ثياب السلوّ عنك عريّا
  أنا عال على المحبّين قدرا ... فلما بالجفا خفظت عليّا(١)
  وله في تضمين بيت أبي الطيب مع نقل معناه والتورية الحلوة بحال:
  العيد وافى ولمّا أن أتى وبنا ... قل وفلس وإقتار وتنكيد
  وقد حلى جيده بالفلس قلت له ... عيد بأيّة حال عدت يا عيد
  وله على لسان غريم يسمّى الشوق أكثر التردّد عليه وفيه تضمين عجز الآخر وأجاد:
  غريمي الشوق أضناني تردّده ... فصار شوقي أني لا أشاهده
  يا صاحبي لا تلمني حين أقبحه ... لا يعرف الشوق إلّا من يكابده
  وله فيمن يدعي النسك والشك في الوضوء وباطنه خلاف ذلك:
  وقالوا فلان كان أفضل زاهد ... يرى الشك في أمر الوضوء من النسك
  واقلع عن ذاك التشكك والتقى ... فقلت لهم هذا سفيه بلا شك
  وله وأجاد إلى الغاية:
  لا ما عذار الحبيب قد أسرى ... قلبي المعنّا فارقا عيني
  ملّكته القلب إذ نظرتهما ... فالقلب ملك له بلا مين
  ولو قال مكان أرّقا، أطلقا لكان أصنع. وله وعجز الأخير مضمّن من صدر بيت بشّار:
  منازلي خاليات ... من الغنى ومحلّي
(١) نشر العرف ٢/ ٢٨٣.