[108] القاضي جمال الدين أبو محمد علي بن صالح
  وله المقاطع المليحة، والقصائد المستجادة، ومدح جماعة من آل القاسم، وكان قليل الحظّ على فضله، وأحسب أن الحظّ تنبّه له هذه الأيام ومن شعره:
  ولقد أقول وقد تغنّت في الحمى ... ورقاء ذات صبابة وولوع
  والعود في يدها يميل وإلفها ... يختال بين خمائل وفروع
  والعين قد سفحت وهاج لها البكا ... تذكارها لأحبة وربوع
  أحمامة الأيك التي قد هيجت ... شجو الكئيب بأنّة وسجوع
  مهلا فنفخك للسوالف في الفضا ... أذكى غضى الأشجان بين ضلوعي
  فدعي الهوى ثم اسبحي فتخيري ... درا لطوقك من بحار دموعي(١)
  وذكره القاضي ضياء الدين يوسف بن علي الكوكباني في السوانح، وذكر أنه كتب إليه يستدعي عارية «طوق الصّادح»:
  أضياء دين اللّه دعوة نازح ... عنكم بطلعته قريب الأربع
  أهدي إليك بطاقة من طاقة ... لطلاب طوق حمامة للمولع
  فابعث بنسخته إليّ تفضلا ... وامنن عليّ به وشنّف مسمعي
  وخذ الجمالة لا برحت مجملا ... بالسعد مقرونا بشمس المطلع
  تزهو على نور الصباح صباحه ... ويفوق نور الكوكب المتشعشع
  ونعمت بالفخر الذي أحرزته ... فينا بمرأى لا يزال ومسمع
  فلعل حسن الطوق يبعث لوعة ... طيّ الفؤاد لجيرة بالأجرع
  ومليحة كالغصن راحت تدعي ... في الحب يوم وصالها ما تدّعي
  قالت وقد حاولت ضمّ قوامها ... بالراحتين إليّ عند المضجع
  إنا تقاسمنا الغضى فغصونه ... في راحتيك وجمره في أضعلي
  فأجبتها وقد امتطت منّي على ... ذي قامة هيفا ورأس أصلع
  أحمامة الوادي بشرقي الغضا ... إن كنت مسعدة الكئيب فرجعي(٢)
  أجاد في التضمين وحسن السبك والحلاوة والتزم المجون وهو مذهبه.
  وله في شخص يسمّى النجار، وقد جرت له واقعة يطول شرحها، وكتبها إلى زيد بن المتوكل لأن النجار خادمه:
(١) نشر العرف ٢/ ٢٢١.
(٢) كاملة في نشر العرف ٢/ ٢٢٠.