[108] القاضي جمال الدين أبو محمد علي بن صالح
  قل لزيد موضحا ما قد جرى ... من أمير الخيل جنح الغسق
  وهو امر لو جرى من غيره ... كنت قد أودعته في المطبق
  سمر النجار بالعود على ... لون صرف أحمر كالشفق
  فأتوه نشروا ما قد طووا ... من ثياب دنّست بالعرق
  خلف باب كسروا مفتاحه ... فهو باب لم يكن بالمغلق
  بالحميدي قد سرى يا ويحه ... قبله التاج بقلب شيّق
  جمع الذئب مع الغزلان في ... سفح صنعا لا بسفح الأبرق
  ورقى جبران ليلا فوقهم ... فتفادوا ضربه بالورق
  لم يفق من سكرة إلّا إلى ... ضربة العود وجرّ الممشق
  كم توالت فوقه من فلق ... لم يعذ منها برب الفلق
  وهذه الأبيات في غاية الحسن وفيها تواري بجماعة من الحاضرين، وفيها لطف لمن تأملها.
  والعري: أحد معنييه عرق الخمر وأما التوجيه بآلة النجارة فظاهر.
  وله فيمن اسمه الحبسي:
  وأغيد عشقته ... كالظبي حين يسنح
  أوجانه تهلّلت ... وقلبه يسبّح
  وله في مليح بفرد عين بين ملاح:
  ثلاثة ما فيهم واحد ... الا رشيق القدّ صافي البديد
  تجمّعوا كالدرّ في سلكه ... والدر أعلى ما يكون الفريد
  لقد أسى في جمعهم محسن ... في النظم لا يعرف بيت القصيد
  وله فيمن اسمه «الفضلي» جلس لدى شيخ من محلّ يسمّى العرّ، والفضلي له بعض ملاحة:
  اني رأيت اليوم ما لم يكن ... يخطر في بالك من قبلي
  شيخ عفيف هام في يافع ... بأحور من ولد الفضلي
  وصاحب العرّ أراكيّه ... ان رام أمر الجهل بالعقل
  وغير خفيّ بها التوجيه بالمحلات مع التواري لأن يافع وأحور بلدان متجاوران والعرّ محلّ وداء يصيب الإبل.