نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[2] أبو الحسن، إبراهيم بن أحمد اليافعي

صفحة 99 - الجزء 1

  وكالعيون لكن في السقم، وكالغصون لكن في العصف، وكعينه وإنها عورا.

  وآخر ما فارقت عليه الشيخ إبراهيم، أنه حضر ختان أحمد بن إسماعيل بن أمير المؤمنين المهدي بالقصر، وقد احتفلوا به وحضر معه الفقيه صلاح الأحمري الشاعر⁣(⁣١)، فأنشد الأحمري أبياتا منها تهنئة، وأنشد الشيخ إبراهيم وسيلة لبعض الزمزميين شعراء مكة، أولها:

  ما أرسل الرحمن أو يرسل ... من رحمة تصعد أو تنزل

  إلّا وطه المصطفى عبده ... نبيّه مختاره المرسل

  فلما أكملها، توهّم القيّم بالسماط إنها تهنئة له، فأسخن عين الاثنين بجائزة، وبزعمه أرك من فهمه.

  قلت: للّه درّه لقد عامل القوم بما عرفه من أفهامهم، وإنّما تكون آفة الشعر والشاعر بسوء فهم السامع، فإن العمدة اليوم برغم ابن الرشيق ليس إلّا زخرفة ورقّة بالشعر، وكتبها بالقلم الغليظ وحجبها، وإن كان المتشاعر يقدر على كتب اسم الرئيس بالذهب، وأنّى له به فحينئذ يكون الفصيح المجيد، وإن كان ناقلا ذاويا برغم الشيخ المجيد، ولو وجد من يعقل أو ينصف لكان من سلف من خلفاء الدولتين الأموية والعباسية أفضل ممن بلينا بهم علما وفهما وأدبا وفضلا، وأين لنا مثل المأمون وأدبه وحلمه وكماله، وجود الرشيد وأدبه وشجاعته، أو شجاعة المعتصم وفهمه، بل ولو قلت بنو أميّة ما خلوا عن كمال العقول، وتمييز الدرّ من البعر، ما كذبني منصف، فدع عنك الإصغاء إلى دأبهم في الكمال الدنيوي، ولا يخفى على من له فكرة أن الحاجة إلى السلطان إنما هي لنظم أمور الدنيا، لأن الآخرة لا تحتاج إلّا إلى ملك الملوك سبحانه وتعالى، ولهذا قام البرهان العقلي والنقلي أن خلافة النبوة مفتقرة إلى العصمة لطفا من اللّه بعباده، لينتظم أحوال معايشهم، ولئلا يكون على اللّه حجة بعد الرسل، وكان اللّه عزيزا حكيما، وللّه فينا إرادة وهو بالغها، وحسبنا اللّه.

  وكان اليافعي آخر أمره يبيع بنات فكرته لأنها رقيقة من جماعة حمقاء بالنزر، وقد انتفع قديما بمهرها، وقنع بعد الزهرة بالبزر، وكنت أودّ لو قرّظت


(١) ترجمته في نشر العرف ١/ ٧٩٧ - ٨٠٠.