[110] القاضي أبو القاسم علي بن محمد بن أبي
  أمسى الضياء منادمي وحشاه لي ... محشوة بغرائب الأخلاط
  عصفت عليّ رياحه فوجدتها ... أقوى هبوبا من رياح شباط
  قد كنت أنعس لانتشاق فسائه ... غشيا فيوقضني بصوت ضراط
  ما زلت أنشق منه ريحا منتنا ... حتى استحال إلى الخراء مخاطي
  يا أيّها المفتوق من ارياحه ... هذي النصيحة فيك للخيّاط
  وأورد الثعالبي في شعر القاضي أبي القاسم التنوخي [من المتقارب]:
  وراح من الشمس مخلوقة ... بدت لك في قدح من نهار
  هواء ولكنّه جامد ... وماء ولكنّه غير جار
  كان المدير لها باليمين ... إذا ما للسّقي أو باليسار
  تدرّع ثوبا من الياسمين ... له فردكمّ من الجلّنار(١)
  قال ابن خلكان: وحكى أبو محمد الحسن بن عسكر الصوفي الواسطي، قال: كنت ببغداد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة جالسا على دكة باب أبرز للفرجة، إذ جاءت ثلاث نسوة فجلسن إلى جانبي فأنشدت متمثلا [من المتقارب]:
  هواء ولكنّه جامد ... وماء ولكنّه غير جار(٢)
  وسكتّ فقالت لي إحداهن: هل تحفظ لهذا البيت ثانيا؟ فقلت: ما أحفظ سواه، قالت: فإن أنشدك أحد ما قبله وما بعده ماذا تعطيه؟ قلت: مالي شيء فاعطيه ولكنّي أقبل فاه، فانشدتني الأبيات المذكورة وزادت بعد البيت الأول [من المتقارب]:
  إذا ما تأملتها وهي فيه ... تأمّلت نورا محيطا بنار
  فهذي النهاية في الأبيضا ... ض وهذي النهاية في الاحمرار(٣)
  فحفظت الأبيات منها، فقالت: أين الوعد؟ تعني التقبيل تريد مداعبتي بذلك.
  وقلت أنا في تضمين البيت الثاني من هذه الأبيات [من المتقارب]:
(١) يتيمة الدهر ٢/ ٣٣٨ - ٣٣٩، وفيات الأعيان ٣/ ٣٦٧، ديوانه / قطعة ٤٠.
(٢) يتيمة الدهر ٢/ ٣٣٨.
(٣) يتيمة الدهر ٢/ ٣٣٨ - ٣٣٩، وفيات الأعيان ٣/ ٣٦٧، ديوانه / قطعة ٤٠.