[114] أبو الحسن سيف الدولة علي بن عبد الله بن
  الجود، وقبلة الآمال ومحطّ الرحال، وموسم الأدباء، وحلبة الشعراء، ونجوم الدهر، وإنما السلطان سوق يجلب إليها. ما ينفق لديها، وكان كلّ من أبي محمد عبد اللّه بن محمد الفياض الكاتب وأبي الحسن علي بن محمد السميساطي قد اختار من مدائح الشعراء له عشرة آلاف بيت(١).
  قلت: لا مزيد على علوّ همّة المتنبي ومع ذلك كان من خدمه، ولا يوجد في شعره أفضل من السيفيات.
  وأورد الثعالبي لسيف الدولة [من الطويل]:
  وساق صبيح للصّبوح دعوته ... فقام وفي أجفانه سنة الغمض
  يطوف بكاسات العقار كأنجم ... فمن بين منقضّ علينا ومنفضّ
  وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفا ... على الجوّ دكنا والحواشي على الأرض
  يطرّزها قوس الغمام بأصفر ... على أحمر في أخضر تحت مبيضّ
  كأذيال خود أقبلت في غلائل ... مصبّغة، والبعض أقصر من بعض(٢)
  أجمع أهل الأدب أن هذا من التشابيه الملوكيّة التي لا تقع للسوقة.
  وما أحسن قول شهاب الدين فتيان الأسدي الشاغوري الدمشقي(٣) في جنّة الزبداني، وهو جبل بناحية دمشق يتراكم عليه الثلج في الشتاء، وينبت أصناف الزهر في الربيع:
  قد أجمد الخمر كانون بكلّ قدح ... وأخمد النار في الكانون حين قدح
  يا جنّة الزبداني أنت مسفرة ... بحسن وجه إذا وجه الزمان كلح
  فالثلج قطن وكفّ الريح تجمعه ... والبرق يحلجه والقوس قوس قزح(٤)
  وقول الشيخ علاء الدين الوداعي الآتي ذكره(٥):
(١) يتيمة الدهر ١/ ١٥ - ١٦.
(٢) يتيمة الدهر ١/ ٣١، وفيات الأعيان ٣/ ٤٠٢.
(٣) ترجمته في: وفيات الأعيان ٤/ ٢٤ - ٢٦، مطلع البدور ١/ ٢٨، النجوم الزاهرة ٦/ ٢٢٦، شذرات الذهب ٣/ ٦٣، خريدة القصر / قسم الشام ١/ ٢٤٧، معجم البلدان: مادة (شاغور).
(٤) وفيات الأعيان ٤/ ٢٥، ديوان فتيان ٩٤.
(٥) ترجمه المؤلف برقم ١٢٣.