الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل
  الإِسْلَام، وَمَا قُصِدَ بِهِ إِحْيَاءُ طَاعَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالإِكْرَام.
  وَقَدْ تَقَدَّمَ الكَلَامُ فِي اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَيْهَا، وَمَا الْمُرَادُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ الكَلَامُ أَيْضًا فِي بِنَاءِ القِبَابِ وَالاِحْتِجَاجِ عَلَيْهَا، فَلَا وَجْهَ لإِعَادَتِهِ.
  وَإِذَا كَانَتْ مَشْرُوعَةً - كَمَا قَدَّمْنَا - فَلَا وَجْهَ لِهَدْمِهَا.
  قوله: «وَكَذَلِكَ يَجِبُ إِزَالَةُ كُلِّ سِرَاجٍ عَلَى قَبْرٍ وَطَفْيِهِ، فَإِنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مَلْعُونٌ ...» إلخ.
  قَدْ تَقَدَّمَ الكَلَامُ فِيهِ وَمَا يَجُوزُ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَكَ التَّجَرِّي وَالْمُجَازَفَةُ بِاللَّعْنِ.
  وَطَرِيقَةُ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ أَنْ لَا يُؤَثِّموا وَلَا يُخَطِّئوا بِمَا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْخَصْمِ مِمَّا الطَّرِيقُ فِيهِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ - وَإِنْ صَحَّ عِنْدَهُم -، فَهَذِهِ مُجَازَفَةٌ.
  وَأَمَّا قِيَاسُكَ عَلَى الغَصْبِ فِي وُجُوبِ الْهَدْمِ.
  فَنَقُولُ: أَوَّلًا: لَا نُسَلِّمُ وُجُودَ العِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْمَعْصِيَةُ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا - فَرْضًا - وُجُودَهَا فَمِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّهَا العِلَّةُ فِي الْحُكْم؟ مَعَ أَنَّهَا مَنْقوضَةٌ بِمَا بُنِيَ مُفَاخَرَةً وسُمْعَةً ومُكَاثَرَة؟
  وَأَمَّا قَوْلُكَ: «وَلَا يَصِحُّ هَذَا الوَقْفُ، وَلَا يَحِلُّ إِثْبَاتُهُ وَتَنْفِيذُهُ».
  فَنَقُولُ: قَدْ ثَبَتَتْ شَرْعِيَّةُ الزِّيَارَةِ لِلْقُبُورِ وَالتِّلَاوَةِ عِنْدَهَا وَالدُّعَاءِ كَمَا سَبَقَ، فَالوَقْفُ صَحِيحٌ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ القُرْبَةِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا كَسَائِرِ الْقُرَبِ.
  وَبَعْدَ هَذَا، فَقَدْ أَكْثَرْتَ أَيُّهَا الْمُتَرَسِّلُ مِنَ التَّشْنِيعِ وَالتَّبْدِيع، وَالتَّضْلِيلِ وَالرَّمْيِ لِطَوَائِفِ الْحَقِّ بِمَا لَمْ يَعْتَقِدُوه، وَلَمْ يَفْعَلُوه، وَلَمْ يَرْضَوه، وَلَمْ يُقَارُّوا عَلَيْهِ، وَتَشْبِيهِهِم بِاليَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وَلَا بُرْهَان، وَحِسَابُكَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْمَلِكِ الدَّيَّان.