مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[ادعاء صاحب الرسالة أن الدعاء عند القبر من كيد الشيطان، والجواب عليه]

صفحة 156 - الجزء 1

[ادِّعاءُ صاحب الرِّسالة أنَّ الدعاء عند القبر من كيد الشيطان، والجواب عليه]

  قَالَ: «وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الشَّيْطَانَ بِلُطْفِ كَيْدِهِ يُحَسِّنُ الدُّعَاءَ عِنْدَ القَبْرِ، وَأَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي بَيْتِهِ وَمَسْجِدِهِ وَأَوْقَاتِ الأَسْحَارِ ...» إلخ.

  الْجَوَابُ: قَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا أَنَّ الرَّسُولَ ÷ قَدْ نَدَبَ إِلَى الدُّعَاءِ عِنْدَ القُبُورِ، وَفَعَلَهُ مُؤَخَّرَ اللَّيْلِ، وَبَيَّنَ كَيْفَ يُقَالُ فِيهِ كَمَا رَوَيْتَهُ، وَفَعَلَهُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، فَكَيْفَ تَنْسِبُ تَحْسِينَ ذَلِكَ إِلَى الشَّيْطَانِ؟ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

  وَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ بِخُبْثِ كَيْدِهِ يُحَسِّنُ لِأَهْلِ البِدَعِ وَالزَّيْغِ الإِنْكَارَ لِمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَهْلَ البَيْتِ $، وَرَفَعَ مِن قَدْرِهِم، فإذا تَقَرَّرَ ذَلِكَ لَدَيهِم أَدْحَضَهُم إِلَى مَزَلَّةٍ أُخْرَى، وَهْيَ نِسْبَتُهُم وَشِيعَتِهِمْ إِلَى الاِبْتِدَاعِ وَالْمُخَالَفَةِ لِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ وفِعْلِ مَا نَهَى عَنْهُ، فَإِذَا خَيَّلَ لَهُم ذَلِكَ وَأَشْرَبَهُ قُلُوبَهُم نَقَلَهُم إلى دَرَكٍ آخَرَ، وَهْيَ: أَنْ يَحْكُموا بِضَلَالِ أَهْلِ السَّفِينَةِ وَأَتْبَاعِهِم الهُدَاةِ، وَرَمْيِهِم بِالإِشْرَاكِ، وَتَشْبِيهِهِم بِاليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالغَالِينَ مَعَ عَلِيٍّ #.

  فَبِالْحَقِيقَةِ لَا أَعْظَمَ مِنْ دَسَائِسِ أَهْلِ الشُّبَهِ وَالأَهْوَاء، وَهَذِهِ حِبَالَةُ⁣(⁣١) إِبْلِيسَ الَّتِي اتَّخَذَهَا للإِغْوَاء.

  عَصَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُؤْمِنِينَ عَنْ طُرُقِ الضَّلَالِ وَالغِوَايَة، وَثَبَّتَنَا عَلَى الدِّينِ القَوِيم، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ سَبِيلِ الحَقِّ وَالهِدَايَة، وَرَزَقَنَا التَّوْفِيق، وَالْكَوْنَ مَعَ خَيْرِ فَرِيق، وَصَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ حُمَاةِ الدِّينِ إِلَى يَوْمِ حَشْرِ العَالَمِين. آمين.

  قال في الأُمِّ: حُرِّر (غُرَّة شَعبانَ الوَسِيم - سنة ١٣٦٩ هـ).

  وَلَمَّا اطَّلَعَ مَوْلَانَا العَلَّامَةُ، شَرَفُ الْمِلَّةِ الإِسْلَامِيَّة، وَصَفْوَةُ السُّلَالَةِ العَلَوِيَّة الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُوثِيُّ حَفِظَهُ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الرِّسَالَةِ الشَّافِيةِ، قَالَ مَا لَفْظُهُ:


(١) حِبَالَةُ الصَّائِدِ - بِالْكَسْرِ - وَالْأُحْبُولَةُ - بِالضَّمِّ - مِثْلُهُ، وَهِيَ الشَّرَكُ وَنَحْوُهُ، وَجَمْعُ الْأُولَى: حَبَائِلُ، وَجَمْعُ الثَّانِيَةِ: أَحَابِيلُ. وَحَبَلْتُهُ حَبْلًا مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَاحْتَبَلْتُهُ: إذَا صِدْتُهُ بِالْحِبَالَةِ. تمت من (المصباح).