مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[ادعاء صاحب الرسالة أن الدعاء عند القبر من كيد الشيطان، والجواب عليه]

صفحة 157 - الجزء 1

  

  وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

  اطَّلَعْتُ عَلَى هَذِهِ الرِّسَالَةِ وَالجَوَابِ الشَّافِي، فَلَقَدْ أَجَادَ الْمُجِيبُ وَأَفَادَ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْعِتْرَةِ الْمَظْلُومَةِ خَيرًا، وَليَعْلَم أَنَّهُ مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُم، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُم، وَأَنَّ الأَصْلَ فِي هَذَا شِدَّةُ التَّحَامُلِ عَلَى العِتْرَةِ حَسَدًا وبَغْيًا مِنْ أَيَّامِ النَّبِيِّ ÷ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ؛ لِمَا ظَهَرَ فِيهِمْ مِنَ الآيَاتِ وَالأَخْبَارِ مِنَ النَّبِيِّ ÷ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُم خَلِيفَتُهُ ÷ فِي أُمَّتِهِ، وَأَنَّهُمُ الأَمَانُ مِنَ الضَّلَالِ، وَأَنَّهُم أَئِمَّةُ الأُمَّةِ، فَبَالَغَ القَوْمُ فِي طَمْسِ آثَارِهِم؛ حُبًّا للرِّئَاسَةِ، وَلِذَا قَالَ عَلِيٌّ #: (ضَرَبَ ليَ الدَّهْرُ حَتَّى قُرِنْتُ بِفُلَانٍ وَبِفُلَانٍ، ثُمَّ ضَرَبَ لِي الدَّهْرُ حَتَّى قُرِنْتُ بِمُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ العَاصِ).

  وَقَالَ يَومَ الدَّارِ - فِيمَا رَوَاهُ الوَاقِدِيُّ - لِبَنِي هَاشِمٍ⁣(⁣١): (إِنَّ القَوْمَ عَادَوْكُمْ بَعْدَ النَّبِيِّ ÷ عَدَاوَتَهُمْ إِيَّاكُمْ في حَيَاتِهِ، وَلَا وَاللَّهِ يُنِيبُونَ إِلَّا بِالسَّيْفِ).

  ثُمَّ تَجَاوَزَ بِهُمُ الْحَدُّ إِلى قَصْدِ إِبَادَتِهِمْ، وَلِذَا قَالَ عَلِيٌّ: (وَدَّ مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ نَافِخُ ضَرَمَةٍ)⁣(⁣٢)، مِصْدَاقَ قَوْلِهِ ÷: «إِنَّ عِتْرَتِي سَتَلْقَى مِنْ أُمَّتِي قَتْلًا وَتَشْرِيدًا»⁣(⁣٣).


(١) انظر: (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد (٩/ ٥٤).

(٢) قال ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث والأثَر) (٢/ ٨٠٣): «الضَّرَمَةُ - بالتَّحريك -: النارُ. وهذا يُقال عندَ الْمُبَالغةِ في الْهَلَاك؛ لأَنَّ الكَبِيْرَ وَالصَّغِيرَ يَنْفُخَانِ النَّارَ. وأضْرَمَ النارَ إذا أَوْقَدَها». وقال ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) (١٩/ ١٢٩): «وما بالدار نافخُ ضَرَمَة، أي: ما بها أحد». قلت: وهذا الأثر ذكره عن أمير المؤمنين # كثير من أهل اللغة وغريب الحديث والمعاجم والتواريخ، منهم: ابن قتيبة في (عيون الأخبار) (١/ ١٨٠ - ١٨١)، والمسعودي في (مروج الذهب) (٣/ ٢٨)، وابن الأثير في (النهاية) (٢/ ٨٠٣)، والزمخشري في (الفائق) (٢/ ٣٣٨) والميداني في (مجمع الأمثال) برقم (٣٨٤٨)، وابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) (٥/ ٢٢١) و (١٩/ ١٢٩)، وابن منظور في (لسان العرب) (٣/ ٦٣)، والثعالبي في (ثمار القلوب) (ص/٥٨٨) رقم (٩٧٤)، وغيرهم.

(٣) رواه الحاكم في (المستدرك) (٤/ ٥٣٤)، رقم (٨٥٠٠) بلفظ: «إنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ مِنْ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَتْلًا وَتَشْرِيْدًا ...»، وقال: «حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ». ورواه ابنُ أبي عاصم في كتاب (السنة) (٢/ ٦١٩)، رقم (١٤٩٩)، والحاكم في (المستدرك) (٤/ ٥١١) رقم (٨٤٣٤)، - واللفظ =