الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة
  شَفِيعٖ يُطَاعُ ١٨}[غافر]، {وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ}[الأنبياء: ٢٨]، {أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ ١٩}[الزمر]، {إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ ١٣ وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٖ ١٤ يَصۡلَوۡنَهَا يَوۡمَ ٱلدِّينِ ١٥ وَمَا هُمۡ عَنۡهَا بِغَآئِبِينَ ١٦}[الإنفطار].
  وقد أَغنى عن الجوابِ جوابُ رَبِّ الأرباب، بما أَجَابَ به عَلَى أَهْلِ الكتاب: {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ}[البقره: ٨٠] إلى آخر الآية.
  وَأمَّا التخصيص لآي الوعيد بآي المشيئة أو آي الوعد، فنقول:
  أَمَّا آي المشيئة فهي مُجْمَلَةٌ ضرورةً؛ أَنَّهَا لم يَتَبَيَّنْ فيها مَن المرادُ بالإخراج، فيجبُ رَدُّ المجمَل إلى المبيَّن، والمتشابهِ إلى المحكَم، وهذا واضح المنهاج، وقد تَبَيَّنَ ذلك في كتابه جلَّ وعلا، وعلى لسان رسوله المصطفى {لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ}[الأنفال: ٤٢]، {مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ}[الأنعام: ٣٨].
  وأَمَّا التخصيصُ للوعيدِ بالوعَد، واحتمال إخراج بعض مَن شَملتْ من العبيد: إمَّا لكَوْنِهِ من أهل الصلاة، أو لأَنَّه قد سَلَفَ له الوعدُ بما عَمِلَ من الصالحات فيكون مخصوصًا لتلك السابقات، أو بغير ذلك مما يتعلق به أهلُ الجهالات من التُّرَّهَات.
  وَيَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا مَنْ لَهُ غَرَضُ ... في مَسْلَكِ الغَيِّ أَوْ في قَلْبِهِ مَرَضُ
  قلنا: في ذلك جوابٌ جامعٌ قاطع، وهو الذي نَطَقَتْ به السُّنَّةُ والكتاب، وشَهِدَتْ له أَدِلَّةُ الأَلباب، هو: الْحُكْمُ بلحوقِ الوعيد، بمن ارتكب أيَّ كَبيرةٍ من العبيد، وحلولِهِ في العذاب الشديد، إلَّا أَنْ يَتوبَ إلى مولاه عن قريب، ويأتيَهُ بقلبٍ منيب، وأَنَّه لا يَنفَعُهُ إنْ كان قد قَدَّمَ ما قَدَّمَه من الصالحات؛ لأنَّه أضاعه عَلَى نفسه بما ارتكب من المحبِطَات، وكان كما شَبَّهَهُ اللَّهُ تعالى بِنَاكِثَةِ الْغَزْلِ بعد الْقُوَّة، وزَلَّتْ قَدَمُهُ بعد ثُبُوتِهِا في تلك الْهُوَّة - أعاذنا اللَّهُ تعالى منها -، وأَنَّ آيَ الوَعْدِ لا تَنَاوَلُ إلَّا مَن يأتِهِ مؤمنًا قد عَمِلَ الصالحات، وأَنَّ الأَمْنَ مقصورٌ عَلَى مَنْ قَصَرَهُ اللَّهُ تعالى عليه بقوله عَزَّ قائلاً: {ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم