[من كلام السيد ابن الأمير في إخبار أمير المؤمنين # بالمغيبات]
  وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الْوَصِيِّ # أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْمَلَاحِمِ، وَعَنْ أُمَرَاءَ بِأَعْيَانِهِمْ، كَإِخْبَارِهِ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ¥ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي (الزُّهْد)، إِلى قَوْلِهِ: «وَإِخْبَارِهِ بِالْحَجَّاجِ»(١).
  إِلى قَوْلِهِ: «وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَسَائِرِ مُؤلَّفَاتِ النَّاسِ كَثِيرٌ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الْمَلَاحِمِ(٢). واشْتَهَر عَنْهٌ الْجَفْرُ فِي الْمُغَيَّبَاتِ، حَتَّى اسْتَعْمَلَهُ الشُّعَرَاءُ، كَمَا قَالَ
= وَٰعِيَةٞ ١٢}[الحاقة]، قَالَ رَسُول الله ÷: «سَأَلتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلهَا أُذُنَ عَلِيٍّ»، فَكَانَ عليٌّ يَقُول: (مَا سَمِعتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷ شَيْئًا فَنَسِيْتُهُ).
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ مرْدَوَيْهِ، وَاَبُو نُعَيْمٍ فِي (الْمَعْرِفَةِ)، مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ {وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ ١٢}، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ÷ «سَأَلتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيّ». فَكان عليٌّ يَقُول: (مَا سَمِعتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷ شَيْئًا فَنَسِيْتُهُ). وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالوَاحِدِيُّ، وَابْنُ مرْدَوَيْهِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ النَّجَّارِ عَن بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷ لِعَلِيٍّ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ، وَلَا أُقْصِيَكَ، وَأَنْ أُعَلِّمَكَ، وَأَنْ تَعِيَ وَحُقَّ لَكَ أَنْ تَعِيَ»، فَنَزَلَتْ هَذِه الْآيَةُ {وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ ١٢}. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْم فِي (الْحِلْيةِ) عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «يَا عَلِيّ إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَأُعَلِّمَكَ لِتَعِيَ، فَأُنْزِلَتْ هَذِه الْآيَة {وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ ١٢}، فَأَنْتَ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ لِعِلْمِي»».
(١) قال العلامة المحقق ابنُ أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) (٢/ ٢٨٩): روى عثمان بن سعيد، عن يحيى التيمي، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، قال: قام أعشى باهلة، - وهو غلام يومئذ حَدَثٌ - إِلَى عليٍّ #، وهو يخطبُ ويذكر الملاحم، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أشبه هذا الحديث بحديث خرافة! فقال علي #: (إِن كنتَ آثما فيما قلتَ يا غلام، فرماكَ اللهُ بغلام ثقيف)، ثم سكت، فقام رجال فقالوا: ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟ قال: (غلام يملك بلدتكم هذه لا يترك للهِ حُرْمَةً إلَّا انتهكها، يَضْرِبُ عُنُقَ هذا الغلام بسيفه)، فقالوا: كم يملك يا أمير المؤمنين؟ قال: (عشرين إن بلغها)، قالوا: فيقتل قتلًا أم يموت موتًا؟ قال: (بل يموت حتف أنفه بداء البطن، يثقب سريره؛ لكثرة ما يخرج من جوفه).
قال إسماعيل بن رجاء: فوالله لقد رأيتُ بعيني أعشى باهلة، وقد أُحضر في جملة الأسرى الذين أُسِروا من جيش عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بين يدي الحجاج، فقرعه ووبخه، واستنشده شِعْره الذي يُحَرِّضُ فيه عبدَ الرحمن عَلَى الحرب، ثم ضرب عنقه في ذلك المجلس.
(٢) قال # - كما في نهج البلاغة -: (اسْأَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْ ءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَلَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي مِائَةً، وَتُضِلُّ مِائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَقَائِدِهَا وَسَائِقِهَا، وَمُنَاخِ رِكَابِهَا، وَمَحَطِّ رِحَالِهَا، وَمَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلًا، وَمَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتًا). وقال # - كما في النهج أيضًا -: (أَيُّهَا النَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَلَأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ =