مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[سبب تسمية الجفر]

صفحة 223 - الجزء 1

  أَبُو العَلَاءِ الْمَعَرِّيُّ:

  لَقَدْ عَجِبُوا لِأَهْلِ البَيْتِ لَمَّا ... أَتَاهُمْ عِلْمُهُمْ في مَسْكِ جَفْرِ

  ...»، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَهْوَ بَحْثٌ مُهِمٌّ مُفِيدٌ.

[سبب تسمية الجفر]

  وَأَمَّا لِمَاذَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؟ فَلأنَّه كُتِبَ فِي جِلْدِ جَفْرٍ⁣(⁣١)، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبو العَلَاءِ فِي شِعْرِهِ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ (أَدَبِ الْكَاتِبِ)⁣(⁣٢)، وَغَيْرُهُمَا⁣(⁣٣).

وَأَمَّا قَوْلُكَ: «وَهَلْ يَتَمَكَّنُ حَامِلُهُ مِنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ غَيْبٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؟».

  فَالْجَوَابُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! لَا يَعْلَمُ كُلَّ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّمَا يُتَمَكَّنُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِن الْعِلْمِ لَا غَيْرَ، فَالْعُمُومُ الْحَقِيقِيُّ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَإِنْ وَقَعَ فِي ظَاهِرِ عِبَارَةٍ فَالوَاجِبُ حَمْلُهَا عَلَى مَا يَجُوزُ وَيُمْكِنُ عَقْلًا وَشَرْعًا.


= الْأَرْضِ، قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ، تَطَأُ فِي خِطَامِهَا، وَتَذْهَبُ بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا). وروى ابنُ أبي شيبةَ في (المصنَّف) (٢١/ ٣٤١ - ٣٤٣) رقم (٣٨٨٨٩) بإسناده عن عَلِيٍّ #: (سَلُونِي؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَلَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي مِئَةً، وَتُضِلُّ مِئَةً، إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَقَائِدِهَا وَسَائِقِهَا ...).

وروى نُعَيم بن حمَّاد في (الفِتَن) (١/ ٤٠)، رقم (٤٥)، بإسناده عن زِرِّ بنِ حُبَيش، سَمِعَ عَليًّا ¥ يقول: (سَلُونِي؛ فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ فِئَةٍ خَرَجَتْ تُقَاتِلُ مِائةً، أو تَهْدِي مِائةً إِلَّا أنْبَأتُكُمْ بِسَائِقِهَا وَقَائِدِهَا وَنَاعِقِهَا مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ قِيَامِ السَّاعَةِ). وعن أمير المؤمنين علي # قال: (مَا مِنْ ثَلَاثمائةٍ تَخْرُجُ إِلَّا وَلَوْ شِئْتُ سَمَّيْتُ سَائِقَهَا وَنَاعِقَهَا إِلَى يَومِ القِيَامَةِ)، أخرجه نُعَيمُ بن حَمَّاد في (الفِتَنِ) (١/ ٣٤) رقم (٢٨). قال الحافظ السيوطي في (جمع الجوامع) (١٧/ ١١٢)، رقم (٤٦): «وسنده صحيح».

(١) «الْجَفْرُ - بفَتْحٍ فَسُكُونٍ -: من أولادِ الْمَعزِ والشّاءِ كما في الصّحاح، واقتصرَ في (الْمُحكَم) على الشَّاءِ، وتَبِعَه المصنِّف [صاحب القاموس]، وزاد بعضُهُم: والضِّأْنِ: ما عَظُم واسْتكْرَشَ، وجَفَرَ جَنْباه أي اتَّسَعَ.

أو الجَفْرُ: هو إذا بَلَغَ وَلَدُ الْمِعْزَى أربَعَةَ أَشْهُرٍ وجَفَرَ جَنْبَاه وفُصِلَ عن أُمِّه وأَخَذَ في الرَّعْيِ. قالَه أبو عُبَيْدٍ.

وقال ابن الأَعرابيِّ: إنما لأربعة أشهرٍ أو خمسة مِن يوم وُلِدَ». انتهى من (تاج العروس).

(٢) كذا عزاه الدميري في (حياة الحيوان الكبرى) (١/ ٦٤٢) ط: (دار البشائر) إلى كتاب (أدب الكاتب) لابن قتيبة، وإنَّما ذكره ابنُ قتيبة في كتابه (تأويل مختلف الحديث) (ص/١٥٥) ط: (دار ابن القيم - دار ابن عفان).

(٣) (حياة الحيوان الكبرى) (١/ ٦٤٢)، (وفيات الأعيان) لابن خَلِّكان (٣/ ٢٤٠) ط: (صادر).