مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فصل الخصام في مسألة الإحرام

صفحة 234 - الجزء 1

  الخِلَافِ بِدُونِ مُجَافَاةٍ، وَلَا دَعَاوَى بَاطِلَةٍ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الأَعْلَامِ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يُوَافِقُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَحْكِي لِلْنَّاسِ مَا أَفْتَيْنَا بِهِ، وَيَقُولُ: «هُوَ الأَحْوَطُ وَالأَوْلَى»، فِي كَلَامٍ فِيهِ الإِنْصَافُ وَالتَّواضُعُ وَالاِتِّزَانُ.

  هَذَا، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهَا القَاضِي العَلَّامَةُ، حَلِيفُ الفَضْلِ وَالاِسْتِقَامَةِ، صَلَاحُ الإِسْلَامِ صَلَاحُ بْنُ أَحْمَدَ فَلِيتَةَ حَفِظَهُ اللَّهُ وَتَوَلَّاهُ، وَهْوَ مِنَ العُلَمَاءِ الْمُوَافِقِينَ عَلَى مَا أَفْتَيْتُ بِهِ، وَمِنْهُم السَّيِّدُ العَلَّامَةُ، نَجْمُ العِتْرَةِ الأَكْرَمِينَ، عِمَادُ الدِّينِ: يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَاوِيَه، وَمِنْهُم السَّيِّدُ العَلَّامَةُ، بَدْرُ آلِ مُحَمَّدٍ الأَعْلَامِ: بَدْرُ الدِّينِ بْنُ أَمِيرِ الدِّينِ بْنِ الحُسَيْنِ الحُوثِيُّ، وَالسَّيِّد العَلَّامَةُ، صَارِمُ الإِسْلَامِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الشّهَارِيُّ، وَالقاضِي العَلَّامَةُ، عُمْدَةُ الْمُحَقِّقِينَ، جَمَالُ الإِسْلَامِ: عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُتَعَيِّش، وَالسَّيِّدُ العَلَّامَةُ، صَلَاحُ الإِسْلَامِ، وَبَدْرُ الأَعْلَامِ، صَلَاحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الهَاشِمِيُّ، فَقَدْ وَصَلَ إِليَّ وَأَفَادَ أَنَّهُ تَقَرَّرَ عِنْدَهُ أَنَّ مَا أَفْتَيْنَا بِهِ هُوَ كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَغَيْرُ هَؤلَاءِ.

  وَإِنَّما ذَكَرْتُهُم لِنَقْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ عَنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ، وَإِلَّا فَالحَقُّ أَحَقُّ بِالاتِّبَاعِ، سَوَاءٌ قَالَ بِهِ قَلِيلٌ أَمْ كَثِيرٌ، بَل الأَغْلَبُ أَنْ يَكُونَ الحَقُّ مَعَ القَلِيلِ.

  وَلَسْنَا نَسْتَوْحِشُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي جَانِبِ الحَقِّ لِقِلَّةٍ، وَلَا نَهَابُ خِلَافَهُ لِكَثْرَةٍ.

  وَلَقَدْ أَصْدَرْتُ الفَتْوَى وَأَنَا أَعْرِفُ أنَّه سَيَعْدِلُ إِلَى التَّرْخِيصِ الكَثِيرُ؛ لِمَيْلِ النُّفُوسِ إِلَى مَا فِيهِ التَّخْفِيفُ، وَلِكَونِ الشُّبْهَةِ سَرِيعَةَ الاِنْقِدَاحِ، وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ، وَإِنَّمَا خِلَافُهَا هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَتَحْقِيق، واللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيق.

  هَذَا فَأَقُولُ: قَالَ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ: «إِنَّهُ يَكْفِي السَّائِلَ فِي فَهْمِ مَا قَصَدَهُ مِنْ تَحْقِيقِ الْمَسْأَلَةِ صَرِيحُ (الأَزْهَارِ)؛ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى: عَدَمِ لُزُومِ الإِحْرَامِ ...»، إِلَى آخِرِهِ.

  وَأَقُولُ: ياللهِ العَجَبُ مِنْ هَذَا الكَلَامِ، فَهَلْ هَذَا كَلَامُ مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ «الصَّرِيحِ