رفع الملام في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام
  وَيُرَجَّحُ رِوَايَتُهُ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ مُلاَزِمٌ لِمَقَامِهِ مُدَّةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهْوَ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ: «بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى».
  وَمَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ فِي (الأَحْكَامِ)(١) لَيْسَتْ صَرِيحَةً بِالْمَنْعِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى، فَيَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى غَيْرِهَا جَمْعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رِوَايَةِ (الأَحْكَامِ) عَنْهُ فِي (الْجَنَائِزِ)(٢)، وَرِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ(٣)؛ لِثُبُوتِهَا، وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ.
  وَمَا عَدَلَ عَنْهُ الإِمَامُ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ # إلَّا لِضَرْبٍ مِنَ الرَّأيِ: إِمَّا للاِخْتِلاَفِ فِي مَحَلِّهِ كَمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَتُهُ فِي (الْمُنْتَخَبِ)(٤)، وَلَكِنْ لَا يَضُرُّ؛ لأَنَّه يُحْمَلُ عَلَى التَّخْيِيرِ مَعَ الصِّحَة؛ لأَنَّه لَا تَعَارُضَ فِي الأَفْعَالِ، أَوْ لِئَّلا يُؤدِيَّ إِلَى الرَّفْعِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عِنْدَهُ مِنَ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ، أَوِ نَحْوِ ذَلِكَ.
  وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تُطْرَحَ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ لِمُجَرَّدِ اجْتِهَادِ مُجْتَهِدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ، هَذَا خُلْفٌ مِنَ القَوْلِ، وَغُلوٌّ لَا يَرْضَى بِهِ نَفْسُهُ، وَحَاشَاهُ، فَهْوَ الدَّاعِي إِلَى اتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْجِهَادِ وَالاجْتِهَادِ.
  وَنَقُولُ للإِمَامِ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ #: قَدْ رَوَيْتَ لَنَا أَنْتَ - وَأَنْتَ الثِّقَةُ الأَمِينُ، وَالْعَدْلُ الْمَرْضِيُّ، وَإِمَامُ الْهُدَى - رَفْعَ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى فِي الْجَامِعَيْنِ: (الأَحْكَامِ وَالْمُنْتَخَبِ) مَعَ وَصْفِكَ لَهَا بِالْكَثْرَةِ، فَنَحْنُ نَأخُذُ بِرِوَايَتِكَ وَرِوَايَةِ غَيْرِكَ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالأُمَّةِ، وَهَذا هُوَ الَّذِي كَلَّفَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِالإِجْمَاعِ، وَالْمَسْأَلَةُ
(١) أي عن الإمام القاسم بن إبراهيم @ التي في الأحكام (١/ ٩٢) (كتاب الصلاة)، ولفظها: «قال يحيى بن الحسين ~: حدثني أبي عن أبيه أنَّه قال: لا تُرْفَع اليدان عند التكبير، ولتسكن الأطراف ...».
(٢) الأحكام (١/ ١٥٩) (كتاب الجنائز)، ولفظها: حدثني أبي، عن أبيه، أَنَّه سئل عن التكبير على الجنايز كم هو؟ وبماذا يدعا في كلِّ تكبيرة؟ وهل يرفع يديه في كل تكبيرة أم لا؟ فقال: أما التكبير على الجنايز عن آل رسول الله ÷ فخمس تكبيرات، وقد ذكر عن النبي ÷ أَنَّه كَبَّرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ خَمْسًا، وَرَفَعَ يديه في أَوَّلِ تكبيرة، وبعد ذلك يُسَكِّنُ أَطْرَافَهُ كتسكينها في الصلاة ...».
(٣) ولفظها عن الإمام القَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ @: «يُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي رَفْعٍ وَخَفْضٍ بَعْدَ التَّكْبِيْرَةِ الأُوْلَى، وَذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ ÷ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ».
(٤) (المنتخب) للإمام الهادي إلى الحق المبين # (ص/٣٨).