مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الجواب التام في تحقيق مسألة الإمام

صفحة 267 - الجزء 1

  وقد أَجمعتِ الأُمَّةُ عَلَى ذلك بعد رسولِ اللَّهِ ÷، وفي كلِّ عَصْرٍ فإنَّهُم يَفْزَعون إلى إقامةِ الإمام، ولا يكونُ لهم عَقِيبَ وفاتِهِ هَمٌّ إلَّا إقامةَ آخَر، إلَّا لِمَانعٍ مِنْ تَغَلُّبِ الظالمين، وَمَنْعِ الجبارين، عُلِمَ ذلك قطعًا مِنْ حالِهِم، وَأَنَّ فِعْلَهُم ذلك عَلَى طريقةِ اعتقادِ الوجوب.

  وأَدلةُ الإجماعِ معلومةٌ، مقرَّرَةٌ مرسومةٌ، لا يُحتاج إلى إيرادها هنا، واللَّهُ سُبْحَانَهُ يقول في إبراهيمَ ~: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِيۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ ١٢٤}⁣[البقرة]، {وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ}⁣[السجدة: ٢٤]، {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ}⁣[النساء: ٥٩].

  وهي تُفِيدُ استمرارَ وجوبِ طاعتِهِم.

  ومن السنَّة نحو قوله ÷: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، قالوا⁣(⁣١): وهذا الخبر مُتَلَقَّى بالقَبُول.

  قال أميرُ المؤمنين ~: (وَإِنَّمَا الأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ، لَا يَدْخُلُ الجنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ).

  وقال أيضًا - لَمَّا سَمِعَ قولَ الخوارج: (لا حُكْمَ إِلاَّ لله) -: (هَذِهِ كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ، إِنَّهُ لا حُكْمَ إِلاَّ للَّهِ، وَلَكِنَّ هَؤلاءِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لا أَمْرَ، وَأنَّهُ لا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير ...)، إلخ كلامِهِ ~ وَسَلَامُهُ، وغير ذلك.

  والأَدلةُ عَلَى هذا الأَصْلِ مَشروحةٌ مُسْتَوْفَاةٌ في مباحثها.

  *******


(١) انظر لزيادة البحث في هذا وما جاء في تأويل أئمة أهل البيت $ لهذا الخبر: شرح الأساس الصغير (عدة الأكياس) (٢/ ١٠٩).