الصَّحِيحِ⁣^(⁣١) عَنْهُ ÷ أَنَّهُ قَالَ: «النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إذَا فَقُهُوا»».

  فَقَولُهُ: «وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الإِمَامَةُ فِي أَفْضَلِ الأَجْنَاسِ» هُوَ قَولُ أَهْلِ البَيْتِ $ وَمَنْ تَبِعَهُمْ؛ لأَنَّ الْمَعْلُومَ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ، وَأَنَّ الرَّسُولَ ÷ وَعَلِيًّا وَالْحَسَنَيْنِ $ وَذُرِّيَّتَهُم أَفْضَلُ بَنِي هَاشِمٍ قَطْعًا.

  وَهَذَا مَعَ إِجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى صِحَّتِهَا فِيهِم، وَاخْتِلَافِهِم فِي غَيْرِهِمْ، وَالإِمَامَةُ شَرْعِيَّةٌ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِيهَا إِلَّا بِدَلَالَةٍ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى جَوَازِهَا فِي غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ.

  لَا يُقَالُ: شَرْعِيَّتُهَا - الإِمَامَةُ - دَلِيلُ صِحَّتِهَا فِي الْجَمِيعِ.

  لأَنَّا نَقُولُ: قَدْ بَطَلَ القَوْلُ بِجَوَازِهَا فِي جَمِيعِ النَّاسِ بِالأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ، مِنْهَا: «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»، وَإِجْمَاعُ مَنْ يُعَتَدُّ بِهِ مِنَ الأُمَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمَنْصِبِ، وَأَنَّهُ قَرْيَشٌ كَمَا سَبَقَ، وَكَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي (مَجْمَعِ الفَوَائِدِ)⁣^(⁣٢).

  فَإِنْ قِيل: إِنَّ بَعْضَ الأَئِمَّةِ ضَعَّفَ خَبَرَ «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»؛ لِقَوْلِ عُمَرَ: «لَوْ كَانَ سَالِمٌ⁣^(⁣٣) حَيًّا مَا شَكَكْتُ فِيهِ»، وَلَمْ يُنْكَرْ.

  قِيلَ: لَا مَعْنَى لِتَضْعِيفِهِ، فَقَدْ صَحَّ الْخَبَرُ مِنْ طُرُقِ أَهْلِ البَيْتِ $ كَمَجْمُوعِ الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ $⁣^(⁣٤)، وَنَهْجِ البَلاغَةِ⁣^(⁣٥)، وَالجَامِعِ الكَافِي، وَغَيْرِهَا، وَمِنْ

(١) صحيح مسلم رقم (٦٧٠٩) (كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَاب - بَابُ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَة). ط: (العصرية).

(٢) انظر (القسم الثاني) من (مجمع الفوائد).

(٣) هو سالم مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي العبشمي.

انظر ترجمته في: (الاستيعاب) لابن عبد البر (٢/ ٥٦٧) رقم الترجمة (٨٨١)، و (أُسْد الغابة) لابن الأثير (٢/ ٢١٣) رقم (١٨٩٣)، (الإصابة) لابن حجر العسقلاني (٣/ ١٣) رقم (٣٠٥٤)، وغيرها.

(٤) شرح مجموع الإمام زيد بن علي @ (٥/ ١٧) (تتمة الروض النضير) للسيد العباس بن أحمد. ط: (مكتبة المؤيد). ورواه الإمام الأعظم زيد بن علي @ في (كتاب تثبيت الإمامة) (المطبوع ضمن مجموع كتبه ورسائله #) (ص/١٩١).

(٥) (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد (٩/ ٨٤).