الجوابات المهمة من مسائل الأئمة
  وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَرِهَهُ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الأَمْرِ.
  فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّهُ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَأُسَامَةُ، وَغَيْرُهُمْ.
  قلتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ مَا تَخَلَّفُوا عَنِ البَيْعَةِ، وَإِنَّمَا تَخَلَّفُوا عَنِ القِتَالِ؛ لأَعْذَارٍ اعْتَلُّوا بِهَا، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ العَلَّامَةُ [ابْنُ أَبِي الحَدِيدِ] شَارِحُ النَّهْجِ حَيْثُ قَالَ فِي (الْمُجْلَّدِ الأَوَّلِ) فِي شَرْحِ قَوْلِهِ #: (فَتَدَاكُّوا عَلَيَّ تَدَاكَّ الإِبْلِ الْهِيمِ يَوْمَ وِرْدِهَا)(١) مَا لَفْظُهُ:
  «فَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَإِنَّهُمْ يَذْكُرونَ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ هؤلاءِ الرَّهْطَ إِنَّمَا اعْتَذَرُوا بِمَا اعْتَذَرُوا بِهِ لَمَّا نَدَبَهُمْ إِلَى الشُّخُوصِ مَعَهُ لِحَرْبِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَتَخَلَّفُوا عَنِ البَيْعَةِ.
  قَالَ: وَرَوَى شَيْخُنَا أَبُو الْحُسَيْنِ فِي (الْغُرَرِ) أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَذَرُوا بِهَذِهِ الأَعْذَارِ قَالَ لَهُمْ: (مَا كُلُّ مَفْتُونٍ يُعَاتَبُ، أَعِنْدَكُمْ شَكٌّ فِي بَيْعَتِي)؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَإِذَا بَايَعْتُمْ فَقَدْ قَاتَلْتُمْ، وَأَعْفَاهُمْ عَنْ حُضُورِ الْحَرْبِ».
  وَقَدْ تَأَسَّفَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى تَرْكِ قِتَالِ الفِئَةِ البَاغِيَةِ مَعَ عَلِيٍّ #.
  رَوَاهُ عَنْهُ الإِمَامُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْزَةَ(٢)، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ(٣)، وَغَيْرُهُمَا(٤).
  وَأَظْهَرَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ الإِنْكَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَالْمُصَارَحَةَ بِالْحَقِّ، وَنَشَرَ فَضَائِلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #. أَخْرَجَ ذَلِكَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا(٥).
(١) تداكوا: أي ازدحموا، والْهِيم: العِطَاش، ويوم وِرْدِها: يوم شربها الماء.
(٢) انظر: (حديقة الحكمة النبوية) للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة @ (ص/٥٩)، (الحديث السادس).
(٣) (الاستيعاب) لابن عبد البر (٣/ ٩٥٣)، بطرق كثيرة.
(٤) قال الحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٧/ ٢٤٥): «عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ أَجِدْنِي آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلَّا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ مَعَ عَلِيٍّ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُهَا رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ».
(٥) هذا باب واسع جدًّا - أعني نشر سعد بن أبي وقاص لفضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # -، فقد روى أحاديث كثيرة، منها: حديث الْمَنزلة، والغدير، والكساء، والراية، وبعثه =