مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الجوابات المهمة من مسائل الأئمة

صفحة 292 - الجزء 1

  وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَرِهَهُ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الأَمْرِ.

  فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّهُ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَأُسَامَةُ، وَغَيْرُهُمْ.

  قلتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ مَا تَخَلَّفُوا عَنِ البَيْعَةِ، وَإِنَّمَا تَخَلَّفُوا عَنِ القِتَالِ؛ لأَعْذَارٍ اعْتَلُّوا بِهَا، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ العَلَّامَةُ [ابْنُ أَبِي الحَدِيدِ] شَارِحُ النَّهْجِ حَيْثُ قَالَ فِي (الْمُجْلَّدِ الأَوَّلِ) فِي شَرْحِ قَوْلِهِ #: (فَتَدَاكُّوا عَلَيَّ تَدَاكَّ الإِبْلِ الْهِيمِ يَوْمَ وِرْدِهَا)⁣(⁣١) مَا لَفْظُهُ:

  «فَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَإِنَّهُمْ يَذْكُرونَ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ هؤلاءِ الرَّهْطَ إِنَّمَا اعْتَذَرُوا بِمَا اعْتَذَرُوا بِهِ لَمَّا نَدَبَهُمْ إِلَى الشُّخُوصِ مَعَهُ لِحَرْبِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَتَخَلَّفُوا عَنِ البَيْعَةِ.

  قَالَ: وَرَوَى شَيْخُنَا أَبُو الْحُسَيْنِ فِي (الْغُرَرِ) أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَذَرُوا بِهَذِهِ الأَعْذَارِ قَالَ لَهُمْ: (مَا كُلُّ مَفْتُونٍ يُعَاتَبُ، أَعِنْدَكُمْ شَكٌّ فِي بَيْعَتِي)؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَإِذَا بَايَعْتُمْ فَقَدْ قَاتَلْتُمْ، وَأَعْفَاهُمْ عَنْ حُضُورِ الْحَرْبِ».

  وَقَدْ تَأَسَّفَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى تَرْكِ قِتَالِ الفِئَةِ البَاغِيَةِ مَعَ عَلِيٍّ #.

  رَوَاهُ عَنْهُ الإِمَامُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْزَةَ⁣(⁣٢)، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ⁣(⁣٣)، وَغَيْرُهُمَا⁣(⁣٤).

  وَأَظْهَرَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ الإِنْكَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَالْمُصَارَحَةَ بِالْحَقِّ، وَنَشَرَ فَضَائِلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #. أَخْرَجَ ذَلِكَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا⁣(⁣٥).


(١) تداكوا: أي ازدحموا، والْهِيم: العِطَاش، ويوم وِرْدِها: يوم شربها الماء.

(٢) انظر: (حديقة الحكمة النبوية) للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة @ (ص/٥٩)، (الحديث السادس).

(٣) (الاستيعاب) لابن عبد البر (٣/ ٩٥٣)، بطرق كثيرة.

(٤) قال الحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٧/ ٢٤٥): «عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ أَجِدْنِي آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلَّا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ مَعَ عَلِيٍّ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُهَا رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ».

(٥) هذا باب واسع جدًّا - أعني نشر سعد بن أبي وقاص لفضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # -، فقد روى أحاديث كثيرة، منها: حديث الْمَنزلة، والغدير، والكساء، والراية، وبعثه =