مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الجوابات المهمة من مسائل الأئمة

صفحة 296 - الجزء 1

  وَالرُّكُونُ: هُوَ الْمَيْلُ اليَسِيرُ. وَأَيُّ مَيْلٍ أَعْظَمُ مِنْ إِيجَابِ طَاعَتِهِمْ، وَمُسَانَدَةِ وَلَايَتِهِمْ.

  وَنُصُوصُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ القَاضِيَةُ بِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.

  وَالقَوْلُ بِوُجُوبِ طَاعَتِهِمْ مُسْتَلْزِمٌ لِذَلِكَ قَطْعًا؛ وَلأَنَّ تَرْكَهُمْ يَعِيثُونَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ، وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ، وَيَنْهَبُونَ الأَمْوَالَ، وَيُغَيِّرُونَ الأَحْكَامَ، بِلَا تَغْيِيرٍ وَلَا نَكِيرٍ بَلْ مَعَ الإِعَانَةِ لَهُمْ بِإِيجَابِ الطَّاعَةِ، وَتَقْرِيرِ الوَلَايَةِ أَعْظَمُ وَأَطَّمُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ العَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ، مَا لَا حَصْرَ لَهُ وَلَا نِهَايَةَ وَلَا غَايَةَ.

  وَأَمَّا تَمَنُّعُ الْحُسَيْنِ السِّبْطِ # مِنَ البَيْعَةِ لِيَزِيدَ فَلَيْسَ لأَنَّهُ لَوْ بَايَعَ كَانَتْ سَتَنْعَقِدُ، بَلْ لأَنَّهَا بَيْعَةُ ضَلَالَةٍ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِيهَا مَهْمَا أَمْكَنَ.

  لَكِنَّ الْمُكْرَهَ يَجُوزُ لَهُ؛ تَخْفِيفًا مِنَ اللَّهِ ø وَرُخْصَةً، وَلَيْسَتْ بِأَبْلَغَ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ ø، وَقَدْ أُبِيحَ مَعَ الإِكْرَاهِ، {إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ}⁣[النحل: ١٠٦].

  وَمَنْ أَخَذَ بِالْعَزِيمَةِ وَتَرَكَ ذَلِكَ فَهْوَ أَفْضَلُ.

  وَأَيْضًا فَلَا سَوَاءَ بَيْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ @ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ بَايَعَ - وَلَوْ مُكْرَهًا - لَكَانَتْ شُبْهَةً كُبْرَى، وَلِهَذَا دَافَعَهَا الْحُسَيْنُ بِحَزْمٍ وَعَزْمٍ.

  وَكَانَ فِي جِهَادِهِ وَاسْتِشْهَادِهِ النَّصْرُ العَظِيمُ، وَالفَتْحُ الْمُبِينُ، الَّذِي قَضَى عَلَى الدَّوْلَةِ الأُمَوِيَّةِ، وَزَلْزَلَ سُلْطَانَ الظُّلْمِ، وَهَدَّمَ أَرْكَانَهُ، وَثَلَّ عُرُوشَ الطُّغْيَانِ، فَكَانَ قُدْوَةً لِلْثَّائِرِينَ عَلَى الْجَوْرِ وَالفَسَادِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.

  فَأَيُّ إِعْزَازٍ لِلْدِّينِ، وَإِصْلَاحٍ لِلإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ أَجَلُّ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ وَإِكْرَامُهُ عَلَى رُوحِهِ الطَّاهِرَةِ، وَعَلَى أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ الأَبْرَارِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَوْلِيَائِهِم الأَطْهَارِ.

  وَعَلَى ذِكْرِ هَذَا أَذْكُرُ كُتَيِّبًا ظَهَرَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ لِبَعْضِ شِيعَةِ يَزِيدَ وَحِزْبِهِ صَوَّبَ فِيهَ يَزِيدَ، وَخَطَّأَ سَيِّدَ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِبْطَ رَسُولِ اللَّهِ ÷ وَرَيْحَانَتَهُ