مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الجوابات المهمة من مسائل الأئمة

صفحة 302 - الجزء 1

  فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ}⁣[الأنعام: ٣٨].

  وَقَدْ دَلَّا عَلَى صِحَّةِ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَعَلَى صِحَّةِ الاِجْتِهَادِ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْمَسَائِلِ الاِجْتِهَادِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ}⁣[النساء: ٨٣].

  وَمِمَّا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُشَاوَرَةُ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ}⁣[آل عمران: ١٥٩].

  وَلَيْسَ الْمُرَادُ فِي مَنْ تَكُونُ لَهُ الوَلَايَةُ العَامَّةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ إِذِ الرَّسُولُ الأَعْظَمُ ÷ هُوَ وَلِيُّ أَمْرِهِمْ، وَهْوَ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

  وَلَا فِيمَنْ يَقُومُ بِالأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ؛ إِذْ لَمْ يُشَاوِرْهُمْ فِي ذَلِكَ قَطْعًا وَإِجْمَاعًا؛ بَلْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَرْبِ وَالسِّلْمِ وَالْبِعْثَاتِ وَالعَلَاقَاتِ الخَاصَّةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِ الْمُؤْمِنِينَ: {وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ}⁣[الشورى: ٣٨].

  فَأَمَّا فِيمَا قَدْ وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَقَضَى فِيهِ، فَلَيْسَ فِيهِ شُورَى، وَلا اخْتِيَارٌ لأَحَدٍ، {وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ}⁣[الأحزاب: ٣٦]، {وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ}⁣[القصص: ٦٨]، {قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ}⁣[آل عمران: ٢٦].

  وَالْمُرَادُ بِإِيتَاءِ الْمُلْكِ مَنْ يَشَاءُ هُوَ: الْحُكْمُ بِهِ لِمَنِ اخْتَارَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَخُلَفَائِهِمْ، لَا تَسَلُّطُ الظَّلَمَةِ وَالطُّغَاةِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأَنَّهُ مِنَ الفَسَادِ، {وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة]، {وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ}⁣[الزمر: ٧]، {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ}⁣[البقرة: ١٨٥].

  وَمِنَ الآيَاتِ الْمُصَرِّحَةِ بِإِيتاءِ اللَّهِ الْمُلْكَ مَنْ يَخْتَارُهُ لِذَلِكَ، وَعَدَم اعْتِبَارِ اخْتِيَارِ العِبَادِ: قَوْلُ اللَّهِ : {أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا