تعليق على الرسالة الحاكمة
  إلى قوله: «وهذا الأخ العلامة الصفي(١) [القرشي العلفي] أكثر ما يُعَوِّلُ عليه في إمامة سَيِّدي مُحَسِّن الأنهضية، وأنَّ سَيِّدي مُحَسِّن أَنْهَضُ، ويجب عَلَى المنصور أَنْ يُسَلِّمَهَا إلى الأَنهض، وإلَّا اختلت عدالتُهُ، وأَضْرَبَ عَمَّا في المرقوم، وليت شعري من أين هذه الأنهضيَّة مع عدم الناصر».
  إلى قوله: «ومن أَنْهَضُ من المنصور عند وجود الناصر، وسَلْ عنه فتكاتهِ في الشام واليمن مما لا يحتاج إلى بيان، وأخذه للمعاقل التي لا يَقدر عليها ملوكُ العجم، والجبابرةُ من ملوك العرب.
  هذا مضمون ذلك العالم وهو المحسوس المعلوم، فقد عَرَفْتَ أنَّ هؤلاء عمدة العلماء، وغيرهم أتباعهم ما خلا الصنو العلامة [العلفي] فقد اختل نظام ذلك المرام بلا شكٍّ ولا ريب.
  ثم لا يخفى ما كَثَّرَه القاضي في كُتُبِهِ ورسالته من أَنَّ مسألة الإمام قطعيَّة فمسلم، وليس محل النزاع كما ستعرف، وإن كان محل النزاع كما توهمه وأوهمه فليست عقلية كمسائل الاعتقاد في التوحيد والعدل، بل هي قطعيةٌ شرعيةٌ، وإنَّما دَخَلَت في علم الأصول لترتبِ أحكامها عَلَى العِلْم كمسألة الشفاعة، فهي فرعيةٌ ترتبت على عِلْمِي، ولهذا لا يجوز التقليد فيها.
  ويوضح ذلك أنَّ القطعيَّ وجوبُ نَصْبِ الإمامة عَلَى الأمة بدليل إجماع الصحابة في المبادرة إليه قبل مُوَاراة النبيِّ ÷ بلا نكير.
  وكذلك اعتبارُ الشروط في الإمام قطعية؛ لأنَّ الإمامَ قائمٌ مقام الرسول، فلا بد أنْ يَحوزَ صفاته إلَّا الوحي، وكذلك لا يجوزُ لأحدٍ عاميٍّ ولا عالمٍ أَنْ يعتقدَ إمامته إلَّا بعد ثبوت تلك المزايا والصفات له؛ إمَّا بالتواتر، أو إِجماعِ العلماء، أو الاختبارِ حتى يحصلَ له العِلْمُ باتِّصَافِهِ بها.
(١) يعني القاضي شيخ الإسلام أحمد بن إسماعيل العلفي القرشي، وهو المقصود بمثل هذه العبارة في هذه الرسالة، وقد ذكره بقوله: الأخ العلامة الصفي أحمد بن إسماعيل العلفي عافاه الله تعالى. من خط مولانا الإمام المؤلف (ع) من هامش المخطوطة.