مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

تعليق على الرسالة الحاكمة

صفحة 311 - الجزء 1

  هذا ظاهرُ كلام الأئِمَّةِ في الإيراد والإصدار، ذكره الفقيه ابن سليمان، وقرَّرَه العلامة علي بن محمد البكري، والإمام عزُّ الدين، وقد صَرَّح به قاسم بن حسن إلَّا في مسألة العِلْم، فإنَّه شُرِعَ للعوام التقليدُ للعلماء فيه؛ لعدم معرفتهم، فيعملون بقول العلماء إنَّ الإمامَ قد أَحْرَزَ القَدْرَ المعتبر فيه بخلاف سائر الشروط فلا بُدَّ له من العِلْمِ بها.

  وبهذا قال الإمامُ أحمدُ بن يحيى [المرتضى] #؛ فإنَّه ذَكَرَ أَنَّه يجب عَلَى العوام معرفةُ ما عدا العِلْم من الشرائط بالْخِبْرَةِ أو التواتر.

  وإذا عَرَف الإمامُ من العاميِّ أَنَّ اعتقادَهُ صَدَرَ لا عن دليل فلا شَكَّ في لزوم الإنكار لإقدامِهِ عَلَى قَبيح. ذَكَرَ ذلك الإمام عِزُّ الدين، وعليُّ بنُ محمد البكريُّ.

  وليس لقائلٍ أَنْ يُجَوِّزَ التقليدَ في المسائل الفرعية القطعية الظنية، لأَنَّا نقول: لا يجوز ذلك فيما كان منهما عَمَلِي يترتب عَلَى عِلْمِيٍّ، كمسائل الشفاعة والموالاة.

  ومسألةُ الإمامِ إمَّا عِلْمِيَّة كاعتقاد إمامته، أو عَمَلية تترتب عَلَى عِلْمِيٍّ كتسليم الحقوق إليه، ووجوبِ طاعتِهِ ونُصْرَتِهِ، وهي مترتبةٌ على العِلْمِ باستجماعه للشروط.

  وقد أَضرب الأخ الصفي عن ما بناه وبَنوه⁣(⁣١) الأَئِمَّةُ، بل لا يزال يَبْعَثُ بواحدٍ يُلْزِمُ الناسَ اعتقادَ إمامةِ سَيِّدي مُحَسِّن، وتسليمَ الحقوق إليه إلى العالم والجاهل، وهو عين القبيح، وطلبًا لتقليده، وهذا عَلَى فَرْضِ عدم تقدم مُجَاب، وإلاَّ فلا يجوز له ولا لغيره الاعتقاد.

  وهذا منه محضُ طَلَبٍ أَنْ يُقَلِّدوه الناسُ عَلَى اعتقاده فيا سبحانَ الله.

  وأَمَّا قول الأخ الصفي: إِنَّه لا تَحَاكُمَ في هذه المسألة؛ لأَنَّه لا تَحَاكُمَ إلَّا في المسائل الظنية، وذَكَرَ ذلك في الرسالة الواصلة إلينا بخطه، ومَنْ طَلَبَ المحاكمة فقد أحيا سنَّة معاوية، وإنما الطريقُ: الْمُنَاظَرَةُ.

  فنقول: قد خَلَطَ الأَخُ الصفيُّ المسائلَ القطعيَّةَ عقليَّهَا وشرعيَّهَا، وليس كذلك؛


(١) على لغة أكلوه البراغيث. تمت من المؤلِّف (ع).