قَالَ مُعَاوِيَةُ لِسَعْدٍ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ؟ قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ÷ فَلَنْ أَسُبَّهُ.

  فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وقولَه: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ»، وقوله: لَمَّا نَزَلَتْ: {فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ}⁣[آل عمران ٦١]، فَدَعَا عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَينَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي».

  وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى⁣^(⁣١) عَنْ سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ: لَوْ وُضِعَ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِي عَلَى أَنْ أَسُبَّ عَلِيًّا مَا سَبَبْتُهُ أَبَدًا.

  وَهَذَا الْحَدِيثُ - أَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ دُونَ الزِّيَادَةِ - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ÷ عَنْ غَيْرِ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ نَفْسِهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْبَرَاءِ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَحُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَغَيْرِهِمْ.

  وَقَدِ اسْتَوْعَبَ طُرُقَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ.

  وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَعْنَى حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ لِعَلِيٍّ: «مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ»؟ قَالَ: (عَاقِرُ النَّاقَةِ). قَالَ: «فَمَنْ أَشْقَى الآخِرِينَ»؟ قَالَ: (اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ). قَالَ: «قَاتِلُكَ»، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ⁣^(⁣٢)، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عِنْدَ (أَحْمَدَ)⁣^(⁣٣)، وَمِنْ حَدِيثِ

= مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»؟ قال المحقق (الأَرنؤوط): «حديث صحيح، وهذا سند رجاله ثقات». وصححه الألباني في (صحيح ابن ماجه)، وغيرهم كثير.

(١) مسند أبي يعلى (٢/ ١١٤)، رقم (٧٧٧)، قال الهيثمي في (المجمع) (٩/ ١٣٣): «إِسْنَادُهُ حَسَنٌ»، وقال الشوكاني في (در السحابة) (ص/٢٢٤) رقم (١١٠) «بإسناد حسن». ورواه النسائي في (الخصائص) برقم (٩٢).

(٢) (المعجم الكبير) للطبراني (٢/ ٢٤٧) رقم (٢٠٣٧).

(٣) روى أحمد بن حنبل في (المسند) (٣٠/ ٢٥٦) رقم (١٨٣٢١) ط: (مؤسسة الرسالة) عن عمار بن ياسر رضوان الله تعالى وسلامه عليهما. قال: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ لِعَلِيٍّ: «يَا أَبَا تُرَابٍ»؛ لِمَا يُرَى عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ. قَالَ: «أَلا أُحَدِّثُكُمَا بِأَشْقَى النَّاسِ رَجُلَيْنِ». قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أُحَيْمِرُ =