مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

تعليقات وردود مع ابن حجر في فتح الباري

صفحة 333 - الجزء 1

  قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، قَد اعْتَرَفَ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظُ بِوَجْهِ دَلَالَةِ النُّصُوصِ عَلَى الْخِلَافَةِ كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ البَيْتِ $ وَمَنْ وَافَقَهُم.

  وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ وَفَاةِ هَارُونَ # لَا يَصْلُحُ شُبْهَةً فَضْلًا عَنْ حُجَّةٍ؛ فَإِنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ مُوسَى # لَا يُؤثِّرُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لِخِلَافَتِهِ قَطْعًا، وَشُرْكَتِهِ فِي الأَمْرِ، وَالْمَعْلُومُ بِالنَّصِّ القُرْآنِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ شَرِيكَهُ فِي أَمْرِهِ، وَحَيْثُ كَانَ أَحَقَّ الْخَلْقِ بِمَقَامِهِ، أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَكَانَ هُوَ خَلِيفَتَهُ، وَقَدْ نَزَّلَ عَلِيًّا # فِي هَذَا الاسْتِحْقَاقِ، وَفِي هَذِهِ الْفَضِيلَةِ مَنْزِلَتَهُ.

  وَهْوَ لَفْظٌ عَامٌّ بِدَلَالَةِ الاسْتِثْنَاءِ، وَقَدْ أَكَّدَ كَونَهُ فِي جَمِيعِ مَنَازِلِهِ بِاسْتِثْنَائِهِ لِلنُّبُوَّةِ، وَقَدْ دَلَّ دَلَالةً قَاطِعَةً أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ نَبِيٌّ لَكَانَ عَلِيٌّ نَبِيًّا، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ مَقَامَهُ ÷ غَيْرُهُ؟! وَهَذَا وَاضِحٌ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى هَؤُلاءِ النُّظَّارِ، وَلَكِنْ:

  لِهَوَى النُّفُوسِ سَرِيرَةٌ لَا تُعْلَمُ

  وَالْحَقُّ أَبْلَجُ وَالْبُرْهَانُ مُتَّضِحٌ ... وَبَيْنَنَا مُحْكَمُ التَّنْزِيلِ وَالسُّوَرِ⁣(⁣١)

  نعم، قَالَ فِي (الفَتْحِ)⁣(⁣٢): «وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ⁣(⁣٣) مِنْ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ أَشْيَاءَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، مِنْهَا: حَدِيثُ عُمَرَ: «عَلِيٌّ أَقْضَانَا»، وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ.

  وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ⁣(⁣٤).


(١) للسيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير @، وهو من أبيات (البَسَّامَة). انظر شرحها (مآثر الأبرار) (١/ ٢٢١).

(٢) فتح الباري شرح البخاري (ط ١) (٧/ ٩٣) ط: (دار الريان للتراث)، وفي (ط ٢) (٧/ ٩٣) ط: (دار الكتب العلمية).

(٣) أي البخاري.

(٤) روى الحاكم في (المستدرك) (٣/ ١٤٥)، رقم (٤٦٥٦)، بإسناده إلى شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنْ أَقْضَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ¥». قال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ».

وسيأتي زيادة البحث حول هذا في التعاليق على (تتمة الروض النضير).