مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع ابن تيمية

صفحة 337 - الجزء 1

  قَصْدهُ الدِّين؛ بَلْ كَانَ غَرَضُهُ فَاسِدًا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ كَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا» إلخ. قُلْتُ: لِأَنَّ التَّشَيُّعَ أَصْلُهُ مَحَبَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ $، وَتَفْضِيلُهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ عُلَمَاءُ الأُمَّةِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِم.

  وَهْوَ الْفِطْرَةُ الَّتِي قَضَى بِهَا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ}⁣[الشورى ٢٣]، وَنَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا ٣٣}⁣[الأحزاب]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ} الآيَةَ [آل عمران: ٦١]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ [وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ] ...}⁣[المائدة: ٥٥].

  وَسُنَّةُ رَسُولِهِ ÷ بِمِثْلِ (خَبَرِ الْغَدِيرِ) وَ (الْمَنْزِلَةِ) وَخَبَرِ (فَتْحِ خَيْبَرَ) وَ (بَرَاءَةَ) وَخَبَرِ: «لَا يُحِبُّكَ إلَّا مُؤمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُكَ إلَّا مُنَافِقٌ»، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عَرَفَه الْخَاصُّ وَالْعَامّ، وَامْتَلأَتْ بِهِ دَوَاوِينُ الإِسْلَام.

  فَلِهَذا يَرْمُونَهُمْ جَمِيعًا بِكُلِّ فَاقِرَةٍ، وَبِكُلِّ حَجَرٍ وَمَدَرٍ، وَيَقُولونَ: لَيْسَ قَصْدُهُم الدِّينَ، وَإِنَّ أَغْرَاضَهُم فَاسِدَةٌ.

  وَلَيْسَ الْغَرَضُ وَالْمَقْصُودُ الْغُلَاة، بَلْ مَنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشِّيعَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، لِيَدْخُلَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْخُلَّصُ، وَأَصْحَابُ أَوْلَادِهِ، بَلْ وَأَوْلَادُهُ أَنْفُسُهم؛ لِأَنَّ هَذَا مَذْهَبُهُم جَمِيعًا، بَلْ وَأَبْرَارُ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷ كَعَمَّارٍ وَسَلْمَانَ وَالْمِقْدَادِ وَأَبِي ذَرٍّ ¤؛ لِأَنَّهُم مِنَ الشِّيعَةِ القَائِلِينَ بِتَفْضِيلِهِ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ؛ لِأَنَّهُم قَدْ حَدُّوا التَّشَيُّعَ بِحَدٍّ يَدْخُلُ فِيهِ الْجَمِيعُ، حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ مَحَبَّةُ عَلِيٍّ وَتَفْضِيلُهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا حَدَّهُ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ⁣(⁣١) وَغَيْرُهُ⁣(⁣٢).


(١) قال ابن حجر في مقدمة (الفتح) (ص/٦٤٠): «والتشيع محبة علي وتقديمه عَلَى الصحابة؛ فمن قَدَّمَهُ عَلَى أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه، ويُطْلَقُ عليه رافضي، وإلَّا فشيعي».

(٢) قد استوفى مولانا الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # الردَّ عليهم في هذا البحث في (لوامع الأنوار)، منها في (ط ١/ ١/١٩٣)، (ط ٢/ ١/٢٥٧)، (ط ٣/ ١/٤٠٢). وكذا السيد العلامة ابن الأمير الصنعاني في (ثمرات النظر في علم الأثر) مطبوع مع (نخبة الفكر) لابن حجر (ص/٩٤)، ط: (دار ابن حزم).