مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

(الردود على ابن تيمية)

صفحة 374 - الجزء 1

  بِحُكْمِ الإِسْلَامِ الْمَحْضِ، وَهْوَ التَّقْدِيمُ بِالإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمُ اثْنَانِ فِي أَبِي بَكْرٍ». إلخ.

  أقَوُلُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ، أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ قَد امْتَلأَ بِالإفْتِرَاآتِ، وَإِنْكَارِ الْمَعْلُومَاتِ، وَرَدِّ الضَّرُوريَّاتِ، وَلَا بَأْسَ بِلَفْتِ نَظَرِ النَّاظِرِ إِلَى بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ، لِيَعْرِفَ ذَوُوا الأَلْبَاب، إِلَى أَيِّ مَبْلَغٍ بَلَغَ فِي هَذَا البَاب.

  فَأوَّلًا: قَوْلُهُ: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ قَطَعُوا الْمُنَازَعَةَ.

  يُقَالُ: وَهَلْ كَانَ الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ الَّذِينَ هُمْ قَرَابَةُ النَّبِيِّ ÷ أَثَرَ جَاهِلِيَّةٍ عَرَبِيَّةٍ أَوْ فَارِسِيَّةٍ؟

  أَمْ لَا يَكُونُ أَثَرَ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ فَارِسِيَّةٍ إِلَّا إِذَا كَانَ فِي أَهْلِ بَيْتِ الرَّسُولِ ÷ خَاصَّةً؟

  فَعَلَى هَذَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ ÷: «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي عَلِيٍّ أَوْ فِي بَنِي هَاشِمٍ.

  ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: مَاذَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ~ وَآلَهُ: {وَمِن ذُرِّيَّتِيۖ}⁣[البقرة: ١٢٤]، أَي: وَاجْعَلْ مِنْ ذُرِّيَّتِي أَئِمَّةً، أَيَكُونُ ذِلِكَ أَثَرَ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ فَارِسِيَّةٍ؟!.

  وَكَذَا قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمٗا ٥٤}⁣[النساء].

  أَيَكُونُ ذَلِكَ أَثَرَ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ فَارِسِيَّةٍ؟، أَمْ لَا يَكُونُ أَثَرَ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ فَارِسِيَّةٍ إِلَّا إِذَا كَانَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ ÷؟

  ثُمَّ انْظُرْ إِلَى مَا كَرَّرَهُ فِي هَذَا الْبَحْثِ مِنَ الإِنْكَارِ وَالْجَحْدِ لِلمَعْلُومِ ضَرُورَةً، وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِرِوَايَةِ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا، أَنَّ عَلِيًّا وَالْعَبَّاسَ وَجَمِيعَ بَنِي هَاشِمٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ وَغَيْرَهُمْ مِنْ سَادَاتِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ قَالُوا: إِنَّ عَلِيًّا # أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ.