مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع ابن القيم في زاد المعاد

صفحة 401 - الجزء 1

  الْمَنْعِ، وَغَايَتُهُا: أَنْ تَكُونَ عَامَّةً أَوْ مُطْلَقَةً، وَلَا يُنْكَرُ تَخْصِيصُ العَامِّ، وَتَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ».

  يُقَالُ: إِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: الذَّهَبُ الْمَصْنُوعُ وَغَيْرُهُ بِالذَّهَبِ الْمَصْنُوعِ وَغَيْرِهِ - هَذَا هُوَ الَّذِي يُرِيدُهُ - فَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِالْعُمُومِ؛ فَإِنَّ الذَّهَبَ عَامٌّ لِكُلِّ أَنْوَاعِهِ، سَوَاءٌ الْمَصْنُوعُ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ العُمُومِ إِلَّا بِمُخَصِّصٍ صَحِيحٍ، لَا بِمُجَرَّدِ التَّخَيُّلَاتِ وَالتَّوَهُّمَاتِ.

  وَأَيْنَ القِيَاسُ الْجَلِيُّ الَّذِي أَخْرَجْتَ بِهِ الْمَصْنُوعَ مِنْ عُمُومِ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ»؟!

  وَأَمَّا قولُهُ: «وَهْيَ بِمَنْزِلَةِ نُصُوصِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: لَم تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْحِلْيَةُ».

  يُقَالُ: قَوْلُ الْجُمْهُورِ لَيْسَ دَلِيلًا أَوْ حُجَّةً.

  وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْحِلْيَةَ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَقَدْ وَرَدَتْ نُصُوصٌ فِي وُجُوبِهَا فِي الْحِلْيَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ الدَّلِيلُ لَا تَتَبُّع الأَقَاوِيل.

  فَقَوْلُهُ: «فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَيَجْرِي الرِّبَا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ لَا فِي كُلِّهَا»، تَخْصِيصٌ لِغَيْرِ مُخَصِّصٍ مِنَ الشَّرْعِ.

  وَإِنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ فِيهِ إِلَى دَلِيلٍ، إِنَّمَا مَعَهُ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

  ثُمَّ سَاقَ كَلَامَهُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَيُّ حُجَّةٍ، بَلْ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ.

  وَمِثْلُ ذَلِكَ تَمَحُّلَاتٌ وَهْمِيَّة، وَقِيَاسَاتٌ تَمْثِيلِيَّة، فِي مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّة.

  وَقَدْ أَوْجَبَ الرَّسُولُ ÷ الْفَصْلَ فِي خَبَرِ القِلَادَةِ وَهْيَ مَصْنُوعَةٌ⁣(⁣١)؛


(١) وهو ما رواه مسلم برقم (٤٠٧٦) وأبو داود في (السنن) برقم (٣٣٥٢)، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: «اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَي عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ فَفَصَّلْتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَي =