مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع ابن القيم في زاد المعاد

صفحة 402 - الجزء 1

  لِيَتَيَقَّنَ التَّسَاوِي، وَأَمَرَ ذَاتَ السِّوَارَيْنِ بِالزَّكَاةِ⁣(⁣١).

  قَوْلُهُ: «كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْحِلْيَةَ». إِلَى قَوْلِهِ: «وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تُبَاعُ بِوَزْنِهَا»⁣(⁣٢).

  هَذَا كُلُّهُ مِنَ الْقَطْعِ بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِلَا دَلِيلٍ، وَدَعْوى بِلَا بُرْهَانٍ.

  فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ مِنَ الاسْتِنَادِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الشُّبَهِ الَّتِي هِيَ أَوْهَنُ مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوت.

  ثُمَّ قَوْلُهُ فِي الْعَرَايَا: وَتَحْرِيمُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ، وَأَنَّهُ أُبِيحَ مِنْهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ⁣(⁣٣).

  يُقَالُ: لَمْ يُبَحْ مِنْهُ إلَّا مَا أُبِيحَ بِنُصُوصٍ مِنَ الشَّرْعِ صَحِيحَةٍ، وَلَا كَلَامَ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ.

  وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِالْحَاجَةِ الْمُطْلَقَةِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُبَاحَ جَمِيعُ أَنْواعِ الرِّبَا بِمُجَرَّدِ الْحَاجَةِ،


= عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ÷، فَقَالَ: «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ»».

وفي لفظٍ لأبي داود برقم (٣٣٥١) «أُتيَ النبيُّ ÷ عَامَ خَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ مَنِيعٍ: فِيهَا خَرَزٌ مُعَلَّقَةٌ بِذَهَبٍ - ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ÷: «لَا، حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ». فَقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ÷: «لَا، حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا». قَالَ: فَرَدَّهُ حَتَّى مُيِّزَ بَيْنَهُمَا».

(١) استوفى البحث في هذا الإمام المؤيد بالله # في (شرح التجريد) (٢/ ٢١)، والإمام يحيى # في (الانتصار) (٥/ ٩٧)، والحافظ السياغي ¦ في (الروض النضير) (٢/ ٤١٥)، وغيرهم. روى الإمام المؤيد بالله # في (شرح التجريد) (٢/ ٢١) عن سنن أبي داود عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: «مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ»». [الوَضَحُ - محركةً -: حَلْيٌ من الفِضَّة. ج: أوضاحٌ، والخَلْخال. من القاموس]. قلت: وهو في سنن أبي داود (٢/ ٩٥) برقم (١٥٦٤). ورواه البيهقي في (السنن الكبرى) (٤/ ١٤٠)، والحاكم في (المستدرك) (١/ ٥٤٧) برقم (١٤٣٨)، وقال: «حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ»، وقال الذهبي في (التلخيص) «عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ».

(٢) لفظ ابن القيم: «أَنَّ النَّاسَ عَلَى عَهْدِ نَبِيِّهِمْ ÷ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْحِلْيَةَ، وَكَانَ النِّسَاءُ يَلْبَسْنَهَا، وَكُنَّ يَتَصَدَّقْنَ بِهَا فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا؛ وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهَا لِلْمَحَاوِيجِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَبِيعُونَهَا؛ وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّهَا لَا تُبَاعُ بِوَزْنِهَا؛ فَإِنَّهُ سَفَهٌ ...».

(٣) قال ابن القيم: «تَحْرِيمُ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ حُرِّمَ لِسَدِّ ذَرِيعَةِ التَّشْبِيهِ بِالنِّسَاءِ، الْمَلْعُونِ فَاعِلُهُ، وَأُبِيحَ مِنْهُ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاحَ بَيْعُ الْحِلْيَةِ الْمَصُوغَةِ صِيَاغَةً مُبَاحَةً بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ ...».