مع ابن القيم في زاد المعاد
  فَمَنِ احْتَاجَ إِلَى ذَهَبٍ جَيِّدٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ رَدِي، وَكَذَا جَمِيعُ أَنْوَاعِ الرِّبَوِيَّاِتِ، وَلَمْ يَبْقَ مَعْنى لِتَحْرِيمِ الرِّبَا إِلَّا مَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا؛ إِذْ قَدْ جَعَلَ الْحَاجَةَ مُبِيحَةً لِمَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ بِهَذَا القِيَاسِ الْمَعْكُوسِ، وَالنَّظَرِ الْمَنْكُوس.
  فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
  وَأَمَّا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ(١): وَقَدْ تَعَقَّبَهُ بَعْضُ الْمُتَأخِّرِينَ.
  نَقُولُ: كَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَذْكُرَ التَّعْقِيبَ.
  ثُمَّ قَوْلُهُ: إِلَّا أنَّه لَمَّا اشْتَدَّتْ حَاجَةُ النَّاسِ إِلَى العَمَلِ بِهِ. إِلَى قَوْلِهِ: وَلَا نَصَّ يُخَالِفُهَا كَانَ للفَتْوَى بِذَلِكَ وَجْهٌ وَجِيهٌ.
  يُقَالُ: بَلْ قَدْ وَرَدَ النَّصُّ بما يُخَالِفُ هَذِهِ الفَتْوَى، وَهْوَ قَوْلُهُ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ...» إِلخ، وَكَذَا النَّصُّ الصَّرِيحُ فِي التَّمْرِ الْجيِّدِ بِالرَّدِي، فَكَيْفَ يُقَالُ: وَلَا نَصَّ يُخَالِفُهَا؟
  ثُمَّ قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنِ ابْنِ القَيِّمِ فِي بَابِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ.
  يُقَالُ: الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ كَالْكَلَامِ هُنَا؛ فَإِنَّهُ إِبْطَالٌ لِلْنَّصِّ بِالرَّأْيِ الفَاسِدِ، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ ÷ في حقِّ صَفِيَّةَ: «أَحَابِسَتُنَا هِي؟» أَيْ: إِنْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أَفَاضَتْ، وَلَمْ يَقُلْ: لَا بَأْسَ، يَجُوزُ أَنْ تَطُوفَ وَهْيَ حَائِض؛ لِئلَّا تَحْبِسَ الرَّسُولَ ÷ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْحَجِيجِ، كَمَا أَجَازَهُ ابْنُ القَيِّمِ، وَخَصَّصَ العُمُومَ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ الَّذِي لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
  وَهَذَا يَدُلُّكَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ ¦(٢) قَدْ تَأَثَّرَ بِالرَّأْيِ الْمَذْكُورِ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
  *******
(١) أي الحافظ السَّيَّاغي ¦.
(٢) أي الحافظ السَّيَّاغي ¦.