[الإرادة ومعناها في حق الله ﷻ]
مع ابن الوزير في إيثار الحق على الخلق
[الإرادة ومعناها في حق الله ﷻ]
  (١) مِنْ (صفح/٢٧١) فِي طَبْعَةِ (١٣١٨ هـ - الطَّبْعَة الأُولَى):
  قَوْلُهُ: «اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الأَثَرِ وَالنَّظَرِ وَالأَشْعَرِيَّةِ عَلَى أَنَّ الإِرَادَةَ لَا يَصِحُّ أَنْ تُضَادَّ الْعِلْمَ، وَلَا يُرِيدُ اللَّهُ تَعَالَى وَجُودَ مَا قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ».
  قُلْتُ: يُقَالُ: لَا تَضَادَّ فِي ذَلِكَ أَصْلًا، فَقَدْ عُلِمَ قَطْعًا، عَقْلًا وَشَرْعًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُرِيدٌ لِلطَّاعَاتِ مِنْ جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، وَهْوَ عَالِمٌ ø أَنَّهَا لَا تَقَعُ إِلَّا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ أَصْلا، لَا عَقْلًا وَلاَ نَقْلا.
  وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَإِنَّا نُدْرِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا امْتِنَاعَهَا مِثْل أَنْ نُرِيدَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، مِمَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ، مِثْلَ: أَنْ لَا يُذِيقَنَا الْمَوْتَ أَبَدًا، وَأَنْ يُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ وَلَا حَشْرٍ، مَعَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَمَحَبَّتِنَا لِذَلِكَ»، إلخ.
  فَإِنَّمَا الْمَدْرَكُ هُوَ الْمُحَاوَلَةُ لِذَلِكَ لَا الإِرَادَةُ، فَهْيَ مُمْكِنَةٌ وَوَاقِعَةٌ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ(١):
  أَلَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا ... فَأُخْبِرَهُ بِمَا صَنَعَ الْمَشِيبُ
  عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ: إِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُخَالِفَةٌ لِإِرَادَةِ خَلْقِهِ، إِنَّمَا هِيَ فِي حَقِّهِ ﷻ: إِمَّا الْعِلْمُ بِاشْتِمَالِ الشَّيءِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى حَاصِلٌ قَطْعًا؛ فَإِنَّ فِي طَاعَةِ الْعِبَادِ الْمَصْلَحَةَ العَامَّةَ.
  وَإِمَّا بِمَعْنَى الأَمْرِ لِلْعِبَادِ، وَقَدْ وَقَعَ قَطْعًا، وَمَا سِوَى ذَيْنِكَ بَاطِلٌ، وَإِنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ ذَاهِبٌ.
(١) أبو العتاهية، كما في ديوانه (ص/٤٦). ط: (دار بيروت).