مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[الكلام على حديث «وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ماشئتم»]

صفحة 416 - الجزء 1

  صَاحِبُ الْحَقِّ، وَإِمَامُ الْهُدَى فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ كُلِّهَا⁣(⁣١).

  فَكَيْفَ يُحْمَدُ مَنِ اعْتَزَلَ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ، وَخَذَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ؟!، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْخِذْلَانِ.

  هَذَا وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا زَخْرَفَهُ (الْمُحَشِّي) مِنْ تَأوِيلِ الآيَةِ⁣(⁣٢) بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قِسْمِ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيل، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيل.

[الكلام على حديث «وما يدريك لعلَّ الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ماشئتم»]

  (٣) مِنْ (صفح/٤٢) (ج ٢)⁣(⁣٣)، قَوْلُهُ: «وَمِنْهَا هِجْرَانُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ، وَتَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ تَحْقِيرًا لَهُمْ وَزَجْرًا». إلخ⁣(⁣٤).


(١) قال ابنُ الأمير الصنعاني في (التوضيح) (٢/ ٤٤٨): «قَالَ الزّركشيُّ: وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ جُزْءًا سَمَّاهُ (الاِسْتِظْهَار فِي طَرِيقِ حَدِيثِ عَمَّار)، وَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ ÷ بِالْغَيبِ، وَأَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ، وَهْوَ مِنْ أَصَحِّ الأَحَادِيثِ. ثُمَّ قَالَ الزركشيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ احْتَجَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ لإِطْلَاقِ العُلَمَاءِ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ مَعَهُ كَانُوا بَاغِيْنَ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ عَمَّارًا كَانَ مَعَ عَلِيِّ ¥، وَقَتَلَهُ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ.

وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي (الإِرْشَادِ): وَعَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ كَانَ إِمَامًا حَقًّا فِي وَلَايَتِهِ، وَمُقَاتِلُوهُ كَانُوا بُغَاةً ... ، وَقَالَ الأسْتَاذُ عَبْدُ القَاهِرِ البَغْدَادِيُّ: أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي الْحَدِيْثِ وَالرَّأْيِ، مِنْهُم: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالْجُمْهُورُ الأَعْظَمُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِيْنَ أَنَّ عَلِيًّا # مُصِيْبٌ فِي قِتَالِهِ لِأَهْلِ صِفِّيْنَ، كَمَا أَصَابَ فِي قِتَالِهِ أَهْلَ الْجَمَلِ، وَأَنَّ الَّذِيْنَ قَاتَلُوهُ بُغَاة، ظَالِمِينَ لَهُ؛ لِحَدِيثِ عَمَّارٍ، وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ.

وَنَقَلَ العَبادِيُّ فِي (طَبَقَاتِهِ): قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [ابنُ خُزَيْمَةَ]: كُلُّ مَنْ نَازَعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَهْوَ بَاغٍ، عَلَى هَذَا عَهِدْتُ مشَايِخَنَا، وَهْوَ قَولُ ابْنِ إِدْرِيسَ - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ -. انتهى بلفظه من تخريج الزركشي». انتهى من (التوضيح). قلت: ونقلها عن ابن خزيمةَ: الحاكم النيسابوري في (معرفة علوم الحديث) (ص/٨٤)، والحافظُ البيهقي في (الاعتقاد) (ص/٢١٩)، ط: (دار ابن حزم).

والبحث مستوفى في (الفصل السابع) من (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # (ط ١/ ٢/٤٠٠)، (ط ٢/ ٢/٤٣٩)، (ط ٣/ ٢/٤٨٤).

(٢) أي في قوله تعالى: {وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا ٩٣}⁣[النساء].

(٣) وفي (ط ١) (ج ٢/ص ٤٧). ط: (دار الكتب العلمية).

(٤) وكلام العامري هذا من فوائده من حديث كعب بن مالك وصاحبيه هلال بن أمية، ومُرارة بن الربيع، الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونزل فيهم قوله تعالى: {وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡ لِيَتُوبُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ١١٨}⁣[التوبة].