[الكلام على حديث «وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ماشئتم»]
  قُلْتُ: وَمِنْهَا يُؤْخَذُ أَنَّ خَبَرَ: «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ»، غَيْرُ صَحِيحِ - وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَاحِ -، أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالصَّغَائِرِ، أَيْ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ مِنَ الصَّغَائِرِ، أَيْ: إِنْ عَمِلُوهَا عَلَى سَبِيلِ الْخَطَأِ فِي التَّأْوِيلِ، كَمَا فِي قِصَّةِ حَاطِبٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَي كَعْبٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ. وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ، أَيْ: الْحَمْلَ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَاضِيَانِ بِالنَّارِ وَالْمُؤَاخَذَةِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ، كَالشِّرْكِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَعُقُوقِ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلِ الْمُؤْمِنِ، وَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَنَحْوِهَا.
  وَلَا يَعْدِلُ عَنْ تِلْكَ النُّصُوصِ الْقَاطِعَةِ - لِخَبَرٍ آحَادِيٍّ مُحْتَمَلٍ، مُخَالِفٍ ظَاهِرُهُ لِحِكْمَةِ الزَّجْرِ عَنِ الْكَبَائِرِ، وَمُسْتَلْزِمٍ لِلإِغْرَاءِ فَي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْصُومِ - إِلَّا مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ.
  (٤) (ج ٢/ص ٧٩)، فِي الْكَلَامِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ #. قَالَ العَامِرِيُّ: «وَقَد اجْتَمَعَ فِيهِ مِنَ الدِّينِ الْمَتِينِ، وَالْوَرَعِ الْحَاجِزِ، وَالزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا، وَجِماعِ الفَضَائِلِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِأَحَدٍ سِوَاهُ».
  قُلْتُ: هَذَا تَفْضِيلٌ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ # عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَهْوَ الْحَقُّ اليَقِينُ، الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْبَرَاهِينُ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
  (٥) مِنْ (صفح/١٠١) (ج ٢)(١)، قَوْله: «وهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ».
  وَالْحَدِيثَانِ هُمَا مَا رَوَوهُ أَنَّهُ ÷ قَالَ لِعَائِشَةَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَابْنِهِ فَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ، أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ. ثُمَّ قُلْتُ يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ»، رَوَاُه البُخَارِيُّ(٢).
(١) وفي (٢/ ١١٠) ط: (دار الكتب العلمية).
(٢) البخاري برقم (٥٦٦٦)، وبرقم (٧٢١٧)، ط: (العصرية).