مع العامري في بهجة المحافل
  وَعَادِ مَنْ عَادَاُه، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ»، بَعْدَ أَنْ قَالَ: «أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»؟ قَالُوا: بَلَى).
  فَهَلْ بَعْدَ هَذَا البَيَانِ مِنْ بَيَانٍ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَقْبَلِيُّ(١): إِنَّهُ لَا أَوْضَحُ مِنْهُ دَلَالَةً وَرِوَايَة. وَقَالَ(٢): فَإِنْ كَانَ هَذَا مَعْلُومًا وَإِلَّا فَمَا فِي الدُّنْيَا مَعْلُومٌ.
  وَقَالَ الذَّهَبِيُّ - عَلَى شِدَّةِ انْحِرَافِهِ وَنَصْبِهِ -(٣): بَهَرَتْنِي طُرُقُهُ فَقَطَعْتُ بِهِ.
  وَسَتَأتِي رِوَايَتُهُ لِلمُؤَلِّفِ فِي ذِكْرِ فَضْلِ أَهْلِ البَيْتِ (صفح/٤٠٠)(٤)، وَهْوَ أَوْضَحُ مِنْ فَلَقِ النَّهَارِ.
  وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الأَذْهَانِ شَيءٌ ... إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلِ(٥)
  وَكَخَبَرِ الْمَنْزِلَةِ، الَّذِي قَالَ الرَّسُولُ ÷ فِيهِ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبيءَ بَعْدِي».
  وَقَد اسْتَوْفَيْنَا طُرُقَ رِوَايَتِهِ وَغَيْرِهِ، وَأَوْضَحْنَا أَنَّهُ ÷ قَالَهُ لِعَلِيٍّ # فِي اثْنَي عَشَرَ مَقَامًا، لَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَحَسْب، فِي (لَوَامِعِ الأَنْوَارِ)(٦)، وَقَدْ رَوَاهُ جَمِيعُ أَهْلِ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَغَيْرِهِمْ.
  وَاعْتَرَفَ ابْنُ حَجَر العَسْقَلَانِيُّ(٧) بِدَلَالَتِهِ عَلَى الإِمَامَةِ كَمَا تَقُولُهُ الشِّيعَةُ، قَالَ: لَوْلَا أَنَّ هَارُونَ مَاتَ قَبْلَ مُوسَى @.
  وَقَدْ أُجِيبَ عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمُتُّ إِلَى الدَّلَالَةِ بِصِلَةٍ؛ إِذ الغَرَضُ:
(١) في (الإتحاف حاشية على الكشاف) (مخ).
(٢) (الأبحاث المسددة) للمقبلي (ط ١/ ص ٣٣٤ - ٣٣٦).
(٣) قد تقدَّم ذكر نصوص الذهبي حول حديث الغدير في (الكلام مع ابن القيم) فارجع إليه.
(٤) وفي (٢/ ٤٤٢) ط: (دار الكتب العلمية).
(٥) لأبي الطيب المتنبي كما في ديوانه (٢/ ١١٧) (شرح البرقوقي)، وفيه: (الأَفهام) بدل (الأذهان).
(٦) (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # (الفصل الأول) (ط ١/ ١/٩٨)، (ط ٢/ ١/١٣٦)، (ط ٣/ ١/١٩٠).
(٧) ذكره في (فتح الباري شرح البخاري)، وقد تقدَّم الكلام عليه تحت بحث (خبر المنزلة ودلالته على خلافة أمير المؤمنين #)، فارجع إليه موفقًا.