[الشك في الصلاة]
  قُلْتُ: فَهَذَا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ الأَعْظَمُ، عَنْ آبَائِهِ $ صَرِيحٌ فِي البِنَاءِ عَلَى اليَقِينِ.
  وَخَبَرُ التَّحَرِّي الَّذِي لَا يَبْلُغُ هَذِهِ الدَّرَجَةَ أَوْلَى بِأَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
  أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَتَحَرَّى: أَيْ يَقْصِد الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ، كَمَا هُوَ فِي لَفْظِ الْخَبَرِ: «فَلْيَنْظُرْ أَحْرَى ذَلِكَ إِلَى الصَّوَابِ»، وَهْوَ البِنَاءُ عَلَى اليَقِينِ.
  وَقَدْ وَرَدَ التَّحَرِّي بِمَعْنَى اليَقِينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأُوْلَٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا ١٤}[الجن].
  وَمَعْنَى التَّحَرِّي: هُوَ طَلَبُ أَحْرَى الأَمْرَيْنِ، أَيْ: أَوْلَاهُمَا بِالصَّوَابِ، وَالبِنَاءُ عَلَى اليَقِينِ هُوَ أَصْوَبُهُمَا، بِنَصِّ الأَخْبَارِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيل.
  وَقَولُ الإِمَامِ #(١): «لأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالتَّحَرِّي هُوَ غَالِبُ الظَّنِّ دُونَ اليَقِين».
  قُلْتُ: غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَنَّهُ مَعْنَاهُ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ، بِدَلِيلِ الآيَةِ {تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا ١٤}.
  وَقَولُهُ # «إِنَّهُ لاَ يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ...» إلخ.
  قُلْتُ: يُقَالُ: قَدْ أُجِيبَ عَلَيْهِ بِمَا يُفِيدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُجَابَ بِمَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، بَلْ فِي ذَلِكَ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ.
  فَقَوْلُهُ #: «إِنَّهُ قَدْ أُخِذَ عَلَيْهِ تَرْكُ الزِّيَادَةِ كَمَا أُخِذَ عَلَيْهِ تَرْكُ النُّقْصَانِ، وَالزِّيَادَةُ تُفْسِدُهَا كَمَا يُفْسِدُهَا النُّقْصَانُ عَلَى بَعْضِ الوُجُوهِ».
  قُلْتُ: يُقَالُ: لَا سَوَاء؛ فَإِنَّ النُّقْصَانَ يُفْسِدُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ نَقَّصَ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا وَلَمْ يَفْعَلْهُ، فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَإِنَّمَا تُفْسِدُهَا مَعَ الْعَمْدِ، وَالَّذِي وَهِمَ لَمْ يَتَعَمَّدِ الزِّيَادَةَ عَلَى الوَاجِبِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ إِتْمَامَهُ، فَلَو تَيَقَّنَ الزِّيَادَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُفْسِدْهَا بَالاتِّفَاقِ.
  وَقَدْ احْتَرَسَ الإِمَامُ # عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «عَلَى بَعْضِ الوُجُوهِ».
(١) أي الإمام المؤيد بالله #. انظر: (شرح التجريد) (١/ ٤٦٦).