مع الشوكاني في القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد
  (٩) - ثُّم قَوْلُهُ(١): «كَانُوا جَمِيعًا هُمْ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ إِذَا ظَهَرتْ لَهُم السُّنَّةُ لَمْ يَتْرُكُوهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ».
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: يُقَالُ: وَمَنْ يَقُولُ: تُتْرَكُ السُّنَّةُ لِقَوْلِ قَائِلٍ؟
  فَجَمِيعُ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ وَخُصُوصًا أَئِمَّةَ أَهْلِ الْبَيْتِ $ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنَ النَّظَرِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ÷ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ، وَإِنَّمَا أَجَازُوا التَّقْلِيدَ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الاِجْتِهَادِ، وَالْمَعْلُومُ أَنَّ العَامِّيَّ إِذَا عَرَفَ لَفْظَ الآيَةِ وَالْخَبَرِ النَّبَوِيِّ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُجْتَهِدًا مُتَمَكِّنًا مِنْ مَعْرِفَةِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَالْمُطْلَقِ وَالْمُقيَّدِ، وَالْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ، وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، إِلَى آخِرِهَا، فَإِذًا هُوَ مِمَّنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ السُّنَّةُ، وَلَا مَعْنَى الْكِتَابِ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الأَخْذُ بِقَولِ مَنْ أَفْتَاهُ، سَوَاءٌ ذَكَرَ لَهُ الدَّلِيلَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ سُمِّيَ ذَلِكَ تَقْلِيدًا أَوْ مُتَابَعَةً، فَلَمْ يَبْقَ مَعَكَ إِلَّا مَا تَحُومُ حَوْلَهُ مِنْ إِخْرَاجِ الْمُقَلِّدِينَ.
  (١٠) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٢٨ - السطر ٢١)(٢): «فَكَيْفَ يَسُوغُ لَكُمْ أَنْ تَسْتَدِلُّوا بِهَذَا الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ عَلَى الَّذِي لَمْ يَرِدْ فِيهِ؟».
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: بِاللَّهِ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّاظِرُ اللَّبِيبُ، تَأَمَّلْ هَذَا التَّنَاقُضَ العَجِيبَ، وَالتَّخْلِيطَ الغَرِيبَ، وَالْمُغَالَطَةَ الوَاضِحَةَ، وَالْمُرَاوَغَةَ الفَاضِحَةَ، بَيْنَمَا هُوَ يَمْنَعُ مِنَ التَّقْلِيدِ وَالأَخْذِ بِآرَاءِ الرِّجَالِ عَلَى الْعُمُومِ وَالإِطْلاَقِ، وَأَنَّهُ حَرَامٌ، وَمِن اتِّخَاذِ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ ... إِلخ، إِذَا هُوَ يُسَوِّغُهُ الآنَ وَيُجَوِّزُهُ فِي حَقِّ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، لِحَدِيثِ «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ»، وَحَدِيثِ «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي [أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]»، وَنَحْوِهَا مِنَ الأَحَادِيثِ الآحَادِيَّةِ بِالاِتِّفَاقِ.
(١) (ص/٣٧)، (مكتبة الساعي).
(٢) (ص/٣٨)، وفيها: الذي ورد فيه النص على ما لم يرد فيه.