مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع القاضي العلامة الحافظ الحسين بن أحمد السياغي في كتاب الروض النضير

صفحة 535 - الجزء 1

  قُلْتُ: يُقَالُ: الْإِحْرَامُ جِنْسٌ مُضَافٌ، وَهْوَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ، كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأُصُولِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ إِحْرَامِهَا فِي وَجْهِهَا، وَذَلِكَ مُفِيدٌ لِلْحَصْرِ.

  وَقَوْلُهُ فِي اللَّفْظِ الثَّانِي: «وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَصْرَ فِيهِ لِلْقَلْبِ، وَهْوَ حَقِيقِيٌّ»، هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ إِذْ قَصْرُ الْقَلْبِ إِضَافِيٌّ، وَهْوَ قَسِيمٌ لِلْحَقِيقِيِّ، كَيْفَ يَكُونُ إِيَّاهُ؟

  وَقَوْلُهُ: «يُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَصْرَ لِلتَّعْيِينِ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ تَوَهَّمُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا كَشْفُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ». إِلَخ. وَهَذَا عَجِيبٌ أَيْضًا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِثَالٌ لِلْإِفْرَادِ لَا لِلتَّعْيِينِ.

  وَإِنَّمَا يُخَاطَبُ بِالتَّعْيِينِ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ.

  وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْقَصْرَ يَنْقَسِمُ إِلَى: حَقِيقِيٍّ وَإِضَافِيٍّ.

  وَالْإِضَافِيّ إِلَى: قَلْبٍ وَإِفْرَادٍ وَتَعْيِينٍ. وَالْحَقِيقِيّ: تَحْقِيقِيٌّ وَادِّعَائِيٌّ.

  وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ مَضْرُوبَةٌ فِي اثْنَيْنِ: قَصْرُ مَوْصُوفٍ عَلَى صِفَةٍ، وَالْعَكْسُ.

  هَذِهِ عَشَرَةُ أَقْسَامٍ.

  فَالْحَقِيقِيُّ التَّحْقِيقِيُّ، كَقَوْلِنَا: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا قَدِيمَ إِلَّا اللهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

  وَالْادِّعَائِيُّ، نَحْوَ: إِنَّمَا الْعَالِمُ زَيْدٌ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَالَغَةِ.

  أَمَّا الْإِضَافِيُّ، فَهْوَ بِاعْتِبَارِ الْمُخَاطَبِ، فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْقَائِمَ زَيْدٌ لَا عَمْرٌو، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّمَا الْقَائِمُ عَمْرٌو حَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الْقَلْبُ.

  وَإِن اعْتَقَدَ أَنَّهُمَا قَامَا فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّمَا الْقَائِمُ زَيْدٌ، أَيْ لَا هُمَا، وَهَذَا هُوَ الْإِفْرَادُ.

  وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي الْقَائِمِ مِنْهُمَا قِيلَ لَهُ: إِنَّمَا الْقَائِمُ زَيْدٌ، أَيْ لَا عَمْرٌو، وَهَذَا هُوَ قَصْرُ التَّعْيِينِ.

  وَهَذَا لِقَصْدِ إِيضَاحِ الْمَقَامِ، وَإِلَّا فَهْوَ مَعْرُوفٌ لِمَنْ لَهُ بِهَذَا الْفَنِّ إِلْمَامٌ، واللهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِنْعَامِ.

  (١١) وَفِي (الرَّوْضِ) (ط ٢، ج ٣، ص ٢٣٠، س ٩):

  «عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ شَيْخٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: (أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا كَانَ مُحْرِمًا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَأَتَى عَلَى أُدْحِيِّ نَعَامَةٍ فَأَصَابَ مِنْ بَيْضِهَا».