مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع العباس بن أحمد في تتمة الروض النضير

صفحة 548 - الجزء 1

  وَهْوَ الهَادِي بِالنَّصِّ⁣(⁣١)، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٥}⁣[يونس].

  وَقَدْ خَرَجَ عَلَى عُثْمَانَ الْمُسْلِمُونَ، وَلَمْ تُنْكِرْ سَادَاتُ الصَّحَابَةِ، بَلْ قَالَ عَمَّارٌ: إِنَّمَا قَتَلَهُ الصَّالِحُونَ الآمِرُونَ بِالْقِسْطِ⁣(⁣٢).

  وَلَمْ يَتْرُكْ عُثْمَانُ الصَّلَاةَ، إِنَّمَا اسْتَأْثَرَ بِالْفَيءِ، وَظَلَمَ أَبَا ذَرٍّ وَغَيْرَهُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُ عُثْمَانَ مِنَ الْكُفْرِ البَوَاحِ، فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ.

  فَفِعْلُ الصَّحَابَةِ فِي حَقِّ عُثْمَانَ يَقْضِي بِعَدَمِ الفَرْقِ فِي وُجُوبِ جِهَادِ الظَّالِمِ، بَيْنَ أَلَّا يُقِيمَ الصَّلَاةَ، أَوْ يَكُونَ الْكُفْرُ البَوَاحُ، وَبَيْنَ أَنْ يَظْلِمَ وَيَسْتَأْثِرَ بِفَيءِ الْمُسْلِمِينَ.

  بَلْ مَنْ طَالَعَ السِّيَرَ يَعْلَمُ أَنَّ مُعْظَمَ الْحَامِلِ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَى عُثْمَانَ إِنَّمَا هُوَ الاسْتِئْثَارُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَ الْمُخَالِفِ، فَإِذًا لاَ فَرْقَ بَيْنَ عِصْيَانٍ وَعِصْيَان.

  (٢) وَمِنْ قَوْلِهِ: «وَالْخُرُوجُ عَلَيْهِ يُؤَدِّي إِلَى مَا هُوَ أَنْكَرُ مِمَّا هُوَ فِيه»، في الصَّفْحِ الْمَذْكُورِ.

  يُقَالُ: هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ حَاصِلَةٌ، سَوَاءٌ أَقَامَ الصَّلَاةَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ كُفْرًا بَوَاحًا أَمْ لَا، فَلِمَ جَازَ الْخُرُوجُ مَعَ كُفْرِهِ؟ اهـ.

  (٣) مِنْ قَوْلِهِ: «وَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا بِقِتَالِهِمْ إِلَّا إِذَا أَضَاعُوا الصَّلَاةَ، أَوْ رَأَيْنَا كُفْرًا بَوَاحًا».

  يُقَالُ: وَالْخُرُوجُ عَلَيْهِ مَعَ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى مَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَإِخْرَابِ البِلَادِ، وَبَثِّ أَنْوَاعِ الفَسَادِ، إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ. فَمِنْ أَيْنَ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ إِذَا ضَيَّعَ الصَّلَاةَ. انْتَهَى.


(١) في قوله تعالى: {إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ ٧}⁣[الرعد]، وسيأتي تخريج ذلك إن شاء الله سبحانه وتعالى.

(٢) انظر: (وقعة صفين) لنصر بن مزاحم المنقري (ص/٣١٩)، ط: (دار الجيل).