فتاوى وبحوث فقهية
  عَنِ الْجُمُعَةِ، هَلْ تَجُوزُ مَعَ الإِمَامِ الْجَائِرِ؟ فَقَالَ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ #، وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ البَيْتِ كَانَ لَا يَعْتَدُّ بِهَا مَعَهُم.
  وَهْوَ مَذْهَبُ جَمِيعِ أَهْلِ البَيْتِ $ فِيمَا عَرَفْتُهُ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ». انْتَهَى كَلاَمُهُ #.
  وَقَالَ الإِمَامُ القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ @ فِي (الْجُزْءِ الثَّانِي) مِنَ (الاعْتِصَامِ)(١): «وَلَا يَقْتَدِي(٢) بِأَئِمَّةِ الْجَوْرِ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُونَ لَهُم أَئِمَّةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ}، وَقَوْلِهِ ÷: «وَلَا يَؤُمَنَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا ...»»، إِلَى آخِرِهِ.
  وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الإِنْكَارُ عَلَى مَنْ تَابَعَ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى، فَكَيْفَ مَنْ تَابَعَ إِجْمَاعَهُم؟!.
  وَلِلْمُخَالِفِينَ شُبَهٌ وَاهِيَةٌ، وَرُدُودَاتٌ غَيْرُ وَاضِحَةٍ، مِنْهَا: التَّمَسُّكُ بظاهر بِآيَةِ النِّدَاءِ، وَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ لِمَنْ أَنْصَفَ.
  وَمِنْهَا: حَدِيثُ: «وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ»، وَقَدْ ضُعِّفَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ.
  وَتَأَوَّلَهَا الأَئِمَّةُ(٣) بِأَنَّ الْمَعْنَى: جَائِرٌ فِي البَاطِنِ.
  وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْمَلوا بِظَاهِرِ العَدَالَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَكَلَّفُوا مَعْرِفَةَ البَاطِنِ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ الإِمَامُ غَيْرَ عَادِلٍ فِي البَاطِنِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ مَهْمَا كَانَ ظَاهِرُهُ العَدَالَةَ، وَأَنَّ الْعِصْمَةَ غَيْرُ شَرْطٍ فِي الأَئِمَّةِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنِ
(١) (الاعتصام) (٢/ ٥٠).
(٢) كذا بثبوت الياء، ويُحمل ذلك عَلَى أن (لا) نافية، فيكون خبرًا في معنى النهي. تمت من المؤلِّف (ع).
(٣) منهم: الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني @ في (شرح التجريد) (١/ ٥٢٢)، وأخوه الإمام أبو طالب # في (الأمالي) (ص/٣١٨)، والإمام أحمد بن سليمان @ في (أصول الأحكام) (١/ ٢٦٠)، ومنهم السيد الإمام الحسين بن بدر الدين @ في (شفاء الأُوام) (١/ ٣٨٩)، والإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة @ في (الانتصار) (٤/ ٥٧)، والإمام القاسم بن محمد @ في (الاعتصام) (٢/ ٥٠).